17 سبتمبر 2025

تسجيل

من ستر مسلماً ستره الله

11 يوليو 2012

قال أحمد بن مهدي: جاءتني امرأة ببغداد، ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس، وقالت: أسألك بالله أن تسترني، فقلت: وما محنتك؟!، قالت أكرهت على نفسي أي يبدو أنها اغتصبت، وأنا الآن حامل، وبما أنني أتوقع منك الخير والمعروف، فقد ذكرت لكل من يعرفني أنك زوجي، وأن ما بي من حمل إنما هو منك فأرجوك لا تفضحني، استرني سترك الله عز وجل. سمعت كلامها وسكت عنها، ثم مضت. وبعد فترة وضعت مولوداً، وإذا بي أفاجأ بإمام المسجد يأتي إلى داري ومعه مجموعة من الجيران يهنئونني ويباركون لي بالمولود. فأظهرت لهم الفرح والتهليل، ودخلت حجرتي وأتيت بمائة درهم وأعطيتها للإمام قائلا: أنت تعرف أنني قد طلقت تلك المرأة، غير أنني ملزم بالنفقة على المولود، وهذه المائة أرجوك أن تعطيها للأم لكي تصرف على ابنها، هي عادة سوف أتكفل بها مع مطلع كل شهر وأنتم شهود على ذلك.. واستمررت على هذا المنوال بدون أن أرى المرأة ومولودها. وبعدما يقارب من عامين توفي المولود، فجاءني الناس يعزونني، فكنت أظهر لهم التسليم بقضاء الله وقدره، ويعلم الله أن حزناً عظيماً قد تملكني لأنني تخيلت المصيبة التي حلت بتلك الأم المنكوبة. وفي ليلة من الليالي، وإذا بباب داري يقرع، وعندما فتحت الباب، إذا بي أفاجأ بتلك المرأة ومعها صرة ممتلئة بالدراهم، وقالت لي وهي تبكي: هذه هي الدراهم التي كنت تبعثها لي كل شهر مع إمام المسجد، سترك الله كما سترتني. حاولت أن أرجعها لها غير أنها رفضت، ومضت في حال سبيلها. وما هي إلاّ سنة وإذا بها تتزوج من رجل مقتدر وصاحب فضل، أشركني معه في تجارته وفتح الله عليّ بعدها أبواب الرزق من حيث لا أحتسب. كانت هذه قصة واقعية تحمل أرقى معانٍ للرجولة والشهامة التي أمر بها الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام. وتذكرنا بقصة الصحابي الجليل الذي تزوج بامرأة وبعد 4 أشهر فإذا بها تضع مولوداً، فأخذه ووضعه خلف باب المسجد دون أن يراه أحد، وحين تجمع المصلون تقدم إلى الطفل وقال هل لي بأخذه إلى بيتي لأرعاه حتى نجد أهله؟ فوافقه الصحابة، فأخذه وأرجعه إلى زوجته وستر عليها وربى ذلك الطفل.. والكثير من قصص الشهامة والرجولة التي سطرها التاريخ بمداد من نور على مر السنوات والعصور، فأين نحن يا ترى بهذا الزمن من أولئك الرجال الذين قلما تلد الأرحام أمثالهم؟.