11 سبتمبر 2025
تسجيلشاهد العالم على شاشات التليفزيون عشرات الآلاف من الشباب يرفعون الأعلام الإسرائيلية، ويسيرون نحو المسجد الأقصى، يرفعون شعار " الموت للعرب "، ويهددون بإحراق القرى الفلسطينية. بالرغم من أن مسيرة الأعلام يقودها بن غفير وزير الأمن القومي، إلا أن تفسير هذا الشعار بأنه نتيجة للتطرف الديني اليميني ليس مقنعا، لكنه يضرب بجذوره في الأيديولوجية الصهيونية، وكان يحفز اليهود للقيام بعملية تطهير عرقي للفلسطينيين، لاغتصاب أرضهم، ونهب ممتلكاتهم، والتمتع بمشهد دمائهم تتدفق في الكثير من المذابح التي تشكل جريمة مستمرة ضد الإنسانية. وبالرغم من أن هذا الشعار الذي رفعه الشباب اليهود في طريقهم لاقتحام المسجد الأقصي يشكل بداية مرحلة جديدة من الصراع، ويشير إلى أن المنطقة سوف تشهد انفجارا، إلا أن أحدا لم يرفع صوته بالاستنكار أو الشجب أو الإدانة، وهي كلمات فقدت معناها من كثرة الترديد، وأصبحت مادة للسخرية تماما مثل الاحتفاظ بحق الرد. دولة فصل عنصري! ذلك الشعار يجب أن يدفعنا لمراجعة القصة من البداية ليس بهدف أن يسفح البعض دموعه حزنا، ولكن للاستعداد للمرحلة الجديدة، وتوعية الأمة العربية بالحقائق، وتحفيزها للدفاع عن وجودها. رفع هذا الشعار يشير إلي أن إسرائيل بلغت درجة من غرور القوة جعلتها لا تهتم بمشاعر العرب، أو حتى بالتطبيع مع نظمهم، حيث تعتقد الآن أنها تسيطر على المنطقة، بعد أن حققت التفوق في المجال العسكري. لكن غرور القوة يعمي البصر والبصيرة، ويشل القدرة على التفكير، ورؤية الأحداث المعقدة في عالم يتغير بسرعة. قراءة القصة من البداية توضح عنصرية اسرائيل، وأنها دولة ابارتايد – كما تؤكد منظمة امنستي انترناشيونال في تقريرها – وأنها ارتكبت جريمة ضد الإنسانية، وتعاملت مع الشعب الفلسطيني بقسوة بهدف إرغامهم على ترك أرضهم ليصبحوا لاجئين. أين القانون الدولي؟!! بالرغم من أن القانون الدولي يحظر الفصل العنصري، ويعتبره جريمة ضد الإنسانية، إلا أن العالم يشاهد كيف تنتهك اسرائيل هذا القانون منذ عام 1948 حتى الآن، دون أن يتحرك أحد، ودون أن تستجيب محكمة العدل الدولية لمطالبة امنستي انترناشيونال بتقديم القادة الإسرائيليين للمحاكمة !! هل يريد العالم المزيد من البراهين على أن اسرائيل دولة أبارتايد، وأنها ترتكب جريمة ضد الإنسانية ؟! يمكن أن تجد المحكمة الكثير من الأدلة إذا قامت بمراجعة القوانين الإسرائيلية التي تم تصميمها لتحويل حياة الفلسطينيين الذين صمدوا على أرضهم إلي جحيم !!. هذه القوانين تعطي الامتيازات لليهود باعتبارها دولة قومية يهودية، في الوقت الذي تقهر فيه الفلسطينيين.. فلماذا يقبل العالم وجود هذه القوانين الظالمة التي تستهدف التطهير العرقي. من يجرؤ على الكلام ؟!! قامت إسرائيل بارتكاب المذابح وتدمير مئات القرى، وأسر الآلاف من المناضلين الفلسطينيين، وطرد الملايين لفرض عملية تغيير ديموجرافي يسيطر فيه اليهود علي الأرض باستخدام قوانين عنصرية. هذا يعني أن تهديد الشباب اليهود في مسيرة الأعلام بحرق القرى العربية كان مجرد استمرارية للممارسات الإسرائيلية منذ عام 1948، ولم يكن نتيجة لتحالف اليمين الديني المتطرف بقيادة بن غفير مع نتنياهو، وعلى الجميع أن يستعد لمواجهة الكثير من الأحداث المفاجئة. فمعظم المشاركين في مسيرة الأعلام من الشباب الذين تمت تربيتهم واعدادهم طبقا للأيديولوجية الصهيونية، وتم شحن عقولهم بنصوص تلمودية تشكل أساسا لخطاب الكراهية ضد العرب، وقد رددوا شعارهم في طريقهم لاقتحام المسجد الأقصي. وهؤلاء الشباب يكرهون العرب كلهم وليس الفلسطينيين وحدهم، فهل يمكن أن نتوقع حرق قرى عربية في دول أخرى.. إن خطاب الكراهية يشعل الحروب، ويملأ القلوب سخطا، والحرب أولها كلام، لذلك يجب أن يدرس الجميع دلالات الكلمات.