13 أكتوبر 2025
تسجيلالنظام السعودي، لا يتعلم من أخطائه وأخطاء سواه، لذلك لا يمكن له أن يكون عنصر استقرارٍ في بلاده وإقليمه، لأنه لا يمتلك رؤيةً استراتيجيةً مبنيةً على حجمه وتأثيره الحقيقيين وإمكاناته الفعلية، وإنما يمتلك روحاً من الرعونة والاندفاع والمراهقة السياسية التي تقود بلاده إلى العزلة وانعدام التأثير واضمحلال المكانة. وسنناقش ثلاث قضايا تثبت ذلك، و هي منفصلةٌ ظاهراً، لكنها متصلةٌ ومتداخلةٌ وتشكل أجزاءً من الصورة الكلية لسياساته. 1- مواجهة الحوثيين بهيئة الترفيه: لا يجادل عاقلٌ في أن الجيش السعودي تعرض لهزائم نكراء خلال الأسبوعين الماضيين. فقد سيطر الحوثيون على أجزاء من الأراضي السعودية، بل إن قاعدة العند الجوية سقطت في أيديهم بما فيها من طائرات وعتاد. وهذا يعني أن خطراً حقيقياً يتهدد المملكة، وينبغي توجيه الإعلام والذباب الإلكتروني فيها لبث الروح الوطنية والحماسة في نفوس الشعب، وإظهار الاحترام للجنود الذين يُقتلون على الحد الجنوبي بحيث يبعث ذلك إرادة القتال والتضحية في القوات المسلحة. لكن الإعلام لم يفعل شيئاً من ذلك، بل استمر في تقديم صورة مكذوبة متهافتة عما يجري بهدف دغدغة الغرائز البدائية المستندة إلى كبرياء وطنية جوفاء، وغرور عنصري أحمق. والملفت للنظر، أن السفاهة أصبحت صفةً ملازمةً للسياسات الإعلامية، فبدلاً من تنوير الشعب بالحقائق، وإعداده للمواجهة، تستمر الحفلات وبطولات المصارعة في الرياض وبقية مدن المملكة، وكأن لا حربَ تجري، وأراضٍ تسقط، وجنوداً يُقتلونَ. وهذه قمة السفه السياسي الذي تنبغي متابعته بدقةٍ لأن نتائجه ستكون وخيمةً على المملكة داخلياً وخارجياً. ونحن ننصح الإعلام السعودي بالخروج من دوامة الأكاذيب، وأن يواجه الواقع الذي يخبرنا بأن الهزيمة العسكرية هي نتيجة للهزائم السياسية، واندثار المكانة، واضمحلال التأثير. 2- صناعة سيسي جديدٍ في السودان: من المضحك، أن الرياض وأبوظبي تصرانِ على أن يكون عملاؤهما من أدنى الناس أخلاقاً وثقافةً وإنسانيةً. فبعد انقلابهما على الشرعية في مصر، لم تجدا إلا السيسي ليكون رئيساً يمثل استعمارهما الكلي لها. ويبدو أن نجاحاته في إفقار الشعب المصري، وتهميش مصر، وإفساد الحياة السياسية فيها، جعلتهما تبحثان عن سيسي سوداني يقوم في السودان بنفس الدور الذي قام به سيسي مصر. ولأنهما تفتقدان الحسَّ الأخلاقي الإسلامي والعربي، فقد أوعزتا للمجلس العسكري أن يسرع في مجازره قبل العيد بيومين، فكانت مجزرة ساحة الاعتصام في الخرطوم، وبدأ حميدتي يبرز كرجل المرحلة بنفس الطريقة التي برز فيها السيسي، بخطابات ركيكة، وأيمانٍ مغلظةٍ، وتبريراتٍ هزيلةٍ للجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع التي يقودها. والجميع يعلمون أن الرياض وأبوظبي تسعيان لثلاثة أمور من ذلك: الأول، ضمان وجود قيادةٍ سودانيةٍ تقبل بتأجير جيشها ليقاتل في اليمن، حيث إن الجيش السعودي غير مؤهل لخوض غمار حربٍ حقيقيةٍ، والمرتزقة الذين تستخدمهم الإمارات في اليمن لا يمكن ضمان ولائهم إذا واجهوا حرباً فعليةً لا هوادة فيها. والثاني، أن تكون تلك القيادة تابعةً لهما وتحقق مصالحهما على حساب مصالح السودان ودوره وتأثيره، من خلال صيرورته حديقةً خلفيةً تستخدمانها كقاعدةٍ لانطلاق أعمالهما التخريبية ضد الدول الأفريقية ذات الأغلبية المسلمة، ولدعم عميلهما خليفة حفتر في ليبيا. والثالث، قمع الشعب السوداني وإرجاعه إلى حظائر الاستبداد العسكري كي لا يكون مثالاً يُحتذى عند الشعوب العربية التي تحاربانِ تطلعاتها بكل الوسائل. 3- الهيب هوب في مكة المكرمة: يبدو أن القيادة السعودية ماضيةٌ بقوةٍ في تحطيم قداسة الديار المقدسة، فلم تجد إلا مكة المكرمة لتقيم فيها مهرجاناً لرقصة الهيب هوب الركيكة الماجنة، وكأن ليس في مدنها الأخرى موضعاً لإقامته. وكانت ردود الفعل مخزيةً من كبار الكهان السعوديين الذين كانوا إلى ما قبل سنواتٍ قلائل علماء الأمة العظام. فقد صمتوا ولم ينبس أحدهم ببنت شفةٍ، وكأن الأمر لا يعنيهم ما دام سيُسرِّع في بناء هيكل الدين الجديد الذي نادى به محمد بن سلمان، وما داموا سينالون رضاه عنهم برفعهم لرايات الجاهلية. ◄ كلمة أخيرة: الإعلام السعودي أكذوبة كبرى تعكس الرعونة السياسية للقيادة السعودية. [email protected]