19 سبتمبر 2025

تسجيل

إشارات متباينة حول الاقتصاد العماني

11 يونيو 2017

في الآونة الأخيرة، حصل الاقتصاد العماني على رسائل مختلطة من مجتمع الأعمال الدولي. فمن ناحية، تمكنت السلطنة من بيع سندات بقيمة 5 مليارات دولار، ما يعد نجاحا باهرا. لكن من جهة أخرى، قررت وكالة تصنيف رئيسية خفض التصنيف السيادي للسلطنة بسبب مخاوف من الأوضاع المالية الخارجية. ففي شهر مارس، أعطى المستثمرون الدوليون الثقة في اقتصاد عمان من خلال شراء سندات بقيمة 5 مليار دولار في الشرائح 5 و10 و30 عاما. وبلغت قيمة العطاءات 20 مليار دولار، مما يشير إلى الاهتمام العالمي والثقة في الاقتصاد العماني. ويؤكد الحاجة إلى جمع الأموال في الأسواق الدولية، فقد أعدت السلطات ميزانية عام 2017 بنفقات وإيرادات قدرها 30 مليار دولار و22.3 مليار دولار على التوالي؛ وهذا يعني تسجيل عجز دفتري ضخم قدره 7.7 مليار دولار مشكلا ربع مجموع الإنفاق أو نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. تدعو خطة التمويل إلى تأمين 70 بالمائة من التمويل عبر الاقتراض الدولي، و16 بالمائة من المصادر المحلية، والباقي أي 17 بالمائة عن طريق الاعتماد على الاحتياطيات الدولية. تغطي إصدارات السندات في الأسواق العالمية إلى حد كبير متطلبات التمويل من الأسواق الدولية لهذا العام، وهو أمر تحقق خلال الثلاثة الشهور الأولى للسنة المالية 2017. ومن الواضح أن توقيت إصدار السندات كان مثاليا عبر حدوثه قبل تراجع التصنيف الائتماني للسلطنة فضلا عن الارتفاع المحتمل لمعدلات الفائدة في الولايات المتحدة. تربط سلطنة عمان عملتها بالدولار كخيار اقتصادي واع، وبالتالي تستورد أسعار الفائدة السائدة في السوق الأمريكية. مما لا شك فيه، هذا هو أحد عيوب ربط الريال بالدولار. وعلى أي حال، فإن تحدي الدين في السلطنة آخذ في الارتفاع، مشكلا أكثر من 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي حاليا مقابل 5 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014، التوقعات تشير إلى ارتفاع مطرد في الدين وصولا إلى 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2018. ومع ذلك، اختارت وكالة تصنيف رئيسية في شهر مايو إثارة مخاوف جدية بشأن الوضع المالي الخارجي. فقد خفضت وكالة (ستاندرد آند بورز) تصنيف عمان من (بي بي بي ناقص) إلى (بي بي زائد) أي دون المستوى الاستثماري فضلا عن تبني نظرة مستقبلية سلبية عن الاقتصاد العماني. واستخدمت وكالة التصنيف حجة قوية للقيام بهذه الخطوة، أي تراجع صافي الموجودات الخارجية بعد طرح الالتزامات المالية. ويعود ذلك إلى هبوط مستوى الإيرادات النفطية بالنظر لبقاء أسعار النفط منخفضة. حقيقة القول، يعتمد الاقتصاد العماني على قطاع النفط لرفاهيته، حيث يستحوذ قطاع النفط والغاز على ثلاثة أرباع إيرادات ومصادر التصدير في سلطنة عمان. وقد أدت الظروف الاقتصادية المعاكسة الناجمة عن استمرار انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 إلى تخفيض صندوق النقد الدولي لتقديرات النمو الاقتصادي من 4.2 بالمائة في عام 2015 إلى 3 في المائة في 2016 على خلفية انخفاض نفقات القطاع العام تماشيا مع انخفاض أسعار النفط. مصادر أخرى أعطت نموا أقل للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2016. غير أن التوقعات تبدو أفضل بكثير في المستقبل المنظور عبر التكيف مع ظاهرة بقاء أسعار النفط منخفضة. ويضاف لذلك دخول ضريبة القيمة المضافة المخطط لها في عام 2018 حيز التنفيذ ما يخدم موضوع تحسين الدخل غير النفطي، وبالتالي إمكانية زيادة الإنفاق الحكومي.