13 سبتمبر 2025

تسجيل

انقسامات بائنة

11 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); جاء الإسلام في وقت كان العالم المعروف وقتها ينقسم انقسامات بائنة. فأهل المشرق كانوا في عزلة فعلية في إطار مساحاتهم الجغرافية. وكان أهل الغرب في عزلة عقائدية في إطار موروثهم الثقافي العقيدي المتباين. وقبل أكثر من ستمائة عام من بعثة رسول الهدى عليه الصلاة والسلام برسالة الإسلام، جاءت رسالة عيسى عليه السلام بالمسيحية هدىً وذكرى لبني إسرائيل. وقبل حوالى ثلاثمائة عام من البعثة المحمدية قضى اليهود في أكبر مؤامرة في التاريخ على المسيحية تماما وقذفوا بها في غياهب الوثنية الرومانية، ثم أوغلوا بها على مراحل فى الغنوصية التلمودية والتي استمرت أسيرة لها حتى اليوم. وبعد ما استطاع اليهود التخلص منهجياً من المسيحية الحقة لم يبق لهم إلا الإسلام. وجاءت المواجهه بين الإسلام واليهودية على امتداد قرون إما بطرق مباشرة أو في أغلب الأحيان لا تكاد تبين إلا لمن يتفحصها ويدركها. وهذه المجابهه الفكرية الإسلامية-اليهودية هى عملية متصلة ومجال دائم للجهاد بَشَّر به القرآن الكريم وهي حجر الزاوية في تشكيل دور المسلمين وعطائهم المنتظرفي عالم الغد القريب وستتشكل بموجب إفرازاتها طور الحضارة الجديد القادم. الحالة الفكرية الحالية للمثقفين المسلمين يتندر بها عامة أهل الملل الأخرى وخلقت جواً كئيبا للمسلمين وحالة إحباط انعكست على كثير من إنتاجهم الذي صار يتسم بالبعد عن روح الإسلام وحيويته. كما تفرق جمع المسلمين واندثرت معالم الأمة وتعددت وتباينت أفكارهم وولاءاتهم وتكسرت قواهم آحادا. فرغم إن المسلمين اليوم في العصر الحالي يقفون فوق قمم شامخة من الفكر الموروث عن عباقرة الرعيل الأول لعهد الإسلام ومن اتبعوهم على امتداد قرون لكنهم تقاعسوا وركنوا إلى موروثهم هذا وقنعوا به واكتفوا بترديده وإجترار ذكريات أمجاد جيل الكبار ولكنهم هم أنفسهم ما قدموا شيئا يذكره لهم التاريخ. تعيش أمة الإسلام حاليا حالة تشتت إجتماعي وحضاري. فمن المسلمين حاليا من آثروا الانطواء والانكفاء السلبي على أمر دينهم وصمدوا فوق قمتهم تلك ينشدون المأوى من ذلك التيار الجارف فظلوا وسط أهليهم غرباء ما بين ماضيهم وبين حاضرهم ولا يكادون وراء ذلك يفقهون حديثا. ومنهم من انفلت وجمع شتاته وقواه وآثر المجابهة بالقوة. ومنهم من سقط في الفتنة وهم الغالبون على أمر غيرهم وآثروا الرضوخ لأهل السلطان في العالم الحديث وباتوا في حالة تخلف فكري وفي حالة تدهور في الوعي وخصوصا على امتداد القرن الماضي ، وأعلنوا صراحةً ولاءهم لإلههم الجديد القادم من الغرب "العقل". أولئك الذين كالوا الاتهامات لخلصاء المفكرين المسلمين ورموهم بالجمود والتخلف وكانوا هم أنفسهم مثلا حيا لحالة التردي تلك وحاق بهم ما كانوا به يتهمون.