14 سبتمبر 2025

تسجيل

كن ممتناً

11 يونيو 2013

(هذه سنة الحياة).. لطالما سمعنا هذه الكلمات وقد هطلت علينا تحت ظروف مختلفة، مرت وشعرنا بمرارتها؛ لأنها حين تُقال لا تخرج إلا مع تلك اللحظات التي تحمل من الأسى ما يُفرض علينا وإن رفضناه، فلا تجد منا إلا القبول وفي نهاية المطاف مهما كان حجم الصراع، ومهما صارعنا وبكل ما نملك من قوة؛ كي نُعبر عن رفضنا وذلك؛ لأن ما يحدث معنا وبكل بساطة يُعرف على أنه أمر طبيعي يؤكد على حقيقة واحدة هي أنها (سُنة الحياة)، الحياة التي تُعد كممر سيأخذنا إلى دار الخلود، ولا تستحق منا التشبث بالماضي دون التفكير بأي شيء سواه وكل ما كان منه وفيه؛ لينتهي بنا الأمر ونحن ندور وسط حلقة فارغة ستستفرغ كل ما فيها بما في ذلك نحن؛ لنكتشف فيما بعد أننا لم نُقدم أو نتقدم بما فيه من الخير أي شيء يمكن بأن يُحسب لنا، وهو ما لا يجدر به بأن يكون بتاتاً؛ لأن الحياة وإن كانت الممر الذي سيأخذنا إلى دار الخلود، إلا أنه (أي ذاك الممر) سيحتاج منا إلى الكثير من الجهد؛ كي نهتم به، ونقدم له من الأعمال ما سيجعل مرورنا فيه أفضل وإن لم يكن الأسهل، ويكفينا أن يكون المرور سالكاً فتتضح معه الرؤية؛ لينشرح معها صدر الهدف، ويأخذ نفساً عميقاً؛ ليفرد عضلاته وظهره، وينطلق كسهم يدرك ما يود إصابته؛ ليفعل، ونجده وقد تحقق، وبلغنا معه المراد، (المُراد) الذي سيشغلنا بما هو خير، وسيجعل عجلة الحياة تدور نحو الأفضل وإن كللته بعض اللحظات التي لا تُبشر بذلك أصلاً. أحبتي: إن هذا صباح يوم جديد يحمل لنا في قلبه المزيد؛ لندركه ونعيشه ونحن نُقدر كل ما سينبس به؛ لأنه هدية الخالق الذي يُعطينا رغم كل ما نُقدم عليه من ذنوب تتراقص بين أحضان الليل، ويقرصنا الندم عليها ومنها في الصباح؛ لنخاف ونرتبك وننبذ ارتكاب ما كان منا مرة أخرى، غير أننا للأسف نعاود الكرة دون أن نعي أو نعني ما يجدر بنا فعله، ودون أن ندرك أن الأحداث وإن تكررت إلا أن الزمن يمضي ويشهد على تلك الحماقة التي نتبجح بها دون أن نفهم أننا نخسر ونقبل بالخسارة في كل مرة، الخسارة التي نسأل الله أن لا يكتبها لنا أو علينا اللهم آمين. هناك الكثير من الأفراد الذين يحسبون أن توقف حياة أحدهم يعني توقف الحياة كلها عنهم جميعاً، فتجدهم وقد توقفوا هم أيضاً، وكأن التوقف قد فُرض عليهم، وخطفهم من قلب الحياة، وقذف بهم في الطرقات؛ ليعاتبوا حظهم العاثر، ويبكوا على ما مضى، ولا عيب في أن نُفرغ ما بجعبتنا من أوجاع لابد وأن نتخلص منها بأن ننفثها، ولكن لا يعني ذلك أن نتمادى ونظل وسط دائرة الحزن تلك، فهو العيب بعينه، ولابد أن نقطع عليه الطريق قبل أن يفعل، ويقطع علينا طريق العودة إلى ما كنا عليه وما كانت عليه حياتنا من قبل وذلك؛ لأن الحياة أجمل بكثير وتستحق منا تذوقها والتمتع بكل ما فيها حتى وإن كانت الممر الذي سيأخذنا إلى دار الخلود. حقيقة لابد أن تدركها وهي أن الحياة لحظات، لربما لن تدرك بعضها، لكنك دون شك ستدرك بعضها الآخر؛ لذا لا تبخس نفسك حقها، وتسمح للحظاتك الأولى بأن تمضي دون أن تتعرف عليها، وتلقي بتلك المهمة على ظهر اللحظات التي ستعقبها؛ لتعاقبها وتعاقب نفسك معها بالبكاء على ما مضى، ولكن تابع حياتك، وحاول غرس معنى الامتنان؛ لتتداوله قدر المستطاع، وبحسب ما سيتطلبه منك الموقف، فكما تجد من الحياة جانباً يؤلمك ويثير أوجاعك، ستجد جانباً غيره يُسعدك ويُثير البهجة في نفسك؛ لذا كن ممتناً، وشاكراً لربك على كل ما قد أنعم به عليك، ولا تبحث عن ذاك الذي تفقده، ولكن ركز على ما تملكه؛ لتفرح به قبل أن يذبل ويموت، وتتمناه بعد أن تخسره. من القلب وإليه توقفك عن الحركة لا يعني توقف قلبك عن الحياة؛ لذا لا تُسلم لذاك الوهم، الذي يخترعه الفشل؛ كي يجرك نحوه، ولكن جاهد وحاول البحث عن مسار جديد يعبر عنك؛ كي تسلكه دون أن تبيح لنفسك كل وأي شيء ترغب به، حتى تصل إلى ذاك الذي تطمح إليه، وحتى يحين ذاك الحين فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي.