17 سبتمبر 2025
تسجيلالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد... ونحن في شهر رجب.. من عام 1433من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها اشرف الصلاة واتم التسليم — تاريخنا الذي هجرناه — تمر علينا ذكرى عزيزة إنها ذكرى الإسراء والمعراج.. ذكرى يجب أن نذكرها ونتذكرها ونذكر بها أجيالنا التي نسيت تاريخها وعلى وشك نسيان هويتها وانتمائها خاصة أن تذكرنا لهذه المناسبة الجليلة ليس ترفا عقليا أو احتفالا مهرجانيا — يتشدق فيه المتشدقون ويصفق له المصفقون — إنما لنتذكر ونذكر بأن هذه المعجزة ترتبط ارتباطا وثيقا بأهم أركان الإسلام — ديننا العظيم — (الصلاة) العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء في هذه الليلة المباركة — وترتبط بأهم أركان الإيمان (الإيمان بالغيبيات) — وترتبط بأهم تكريم لنبي من الأنبياء سيدنا محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم — باطلاعه على بعض الغيبيات التي اختصها الله سبحانه لنفسه تكريما لنبينا وبيان فضله — إلى جانب الأمور الأخرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد — فقد ذهب جمع من الأمة أنها وقعت في السابع والعشرين منه غير أنه ليس بها عبادة خاصة بها — ولكن هذا لا يمنع من تذكر أهم الأحداث التي وقعت فيه لأنه تاريخنا وجهاد وعطاء سلفنا الصالح الواجب علينا السير على هداهم والاقتداء بهم فإن لم نكن مثلهم فلا أقل من أن نتشبه بهم فإن التشبه بالكرام كريم لاسيَّما وأنه قد نزلت سورة عظيمة باسم هذه المناسبة الكريمة انها سورة الإسراء التي نتعبد الله عز وجل بقراءتها وترتيلها والتفكر بوقائعها وأحداثها وغيبياتها. وهي من السور المكية — آياتها إحدى عشرة ومائة.. بدأت بقصة الإسراء.. بل معجزة الإسراء التي كانت مظهرا من مظاهر التكريم الإلهي.. لسيد البشر وخاتم النبيين، وآية باهرة تدل على قدرة الله عز وجل في تسيير شؤون الخلق والكون. • هذه السورة العظيمة اهتمت بشؤون العقيدة كأخواتها من السور المكية التي اعتنت بالعقيدة الصحيحة وتنقيتها من الشوائب التي علقت بها نتيجة الضلال البشري والفساد الفكري الذي انتشر في تلك الحقبة من الزمن، انها اهتمت بأصول العقيدة (الوحدانية، والرسالة، والبعث) وأكدت على تكريم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وإظهار شخصيته المؤيدة بالمعجزات الباهرة والحجج القاطعة والأدلة الدافعة على صدقه وأمانته. وقد ابتدأت بالتسبيح لله عز وجل وتنزيهه من كل سوء ونقص.. للتأكيد على ألوهيته سبحانه العلي القدير الذي انتقل بعبده ونبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) في جزء من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام (بعبده) أي كان الإسراء (لمحمد) صلى الله عليه وسلم بالروح والجسد، على أرجح الروايات يقظة لا مناما ليلا لتقليل مدة الإسراء، وانه قطع به المسافات الشاسعة البعيدة في جزء من الليل وكانت مسيرة أربعين ليلة يقطعها الراكب على الإبل — وذلك أبلغ في القدرة والإعجاز — بالنسبة لذلك الزمن الذي لم تعرف فيه وسائل النقل الحديثة (كالطائرات) التي تقطع المسافات الشاسعة في بضعة ساعات — وقد يكون هذا إشارة إلى ما قد يصله الإنسان من العلم حتى يقطع هذه المسافات في أقل القليل من الزمن — وهذا من علم الله سبحانه الذي علمه لأبي البشر حين قال سبحانه (وعلم آدم الأسماء كلها).. ويدل ذلك على كمال القدرة الإلهية وبالغ الحكمة، ونهاية تنزهه تعالى عن صفات المخلوقين إلى المسجد الأقصى تلك البقعة الطاهرة ارض النبوات ومهد الرسالات (الذي باركنا حوله) أي أن المسجد الأقصى مبارك من الله عز وجل فقد بارك الله سبحانه فيه بأنواع من البركات الحسية والمعنوية، بالثمار والأنهار التي خص الله بها بلاد الشام، وبكونه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة الأطهار (لنريه من آياتنا) أي لنرى محمدا (صلى الله عليه وسلم) آياتنا العجيبة العظيمة، ونطلعه على ملكوت السماوات والأرض فهو خاتم النبيين ورسالته خاتمة الرسالات ولذا حاز من الرضا والتكريم الإلهي ما لم ينله أحد من الأنبياء قبله فقد رأى (صلوات الله وسلامه عليه) السماوات العلى والجنة والنار، وسدرة المنتهى، والملائكة والأنبياء وغير ذلك من العجائب والآيات التي تدل على قدرة الله تعالى (إنه هو السميع البصير) أي أن الله تعالى هو السميع لأقوال محمد (صلى الله عليه وسلم)، البصير بأفعاله، فلهذا خصه بهذه الكرامات والمعجزات احتفاءً وتكريما وتثبيتا لقلبه لما سيلقاه من إيذاء وصد وطغيان من قومه وغيرهم من الأمم لأنه مبعوث للعالمين جميعا إلى قيام الساعة. • وقد بدأت السورة بتمجيد الله سبحانه وتنزيهه وقدرته وتكريمه للمصطفى محمدا الذي أكرمه بالإسراء والمعراج بعد ما ناله من أذى من قومه.. ثم الحديث عن بني إسرائيل ومدى طغيانهم وإفسادهم في الأرض الذي فاق التصور وعقاب الله عز وجل لهم في كل مرة والعودة مرة أخرى إلى الحديث عن القرآن الكريم معجزة محمد (صلى الله عليه وسلم) الكريم على ربه وعظمة هذا القرآن في هداية البشر لأقوم الطرق وأوضح السبل ولما هو أعدل وأصوب مبشرا المؤمنين به بالأجر العظيم في جنات النعيم ومتوعدا الكافرين به بالعذاب الأليم . وللحديث بقية