14 سبتمبر 2025

تسجيل

الحي الثقافي

11 يونيو 2012

  ولأن الثقافة عموما، جزء من الرقي، لكل مكان، وإنجازاتها، تدخل ضمن الموروث العريق لأجياله القادمة، فقد وجدت اهتماما كبيرا في دولة قطر، واصطلحت لها وسائل جذب مختلفة، من أجل التحفيز على الاقتراب منها، والتعمق فيها، فنجد معارض الكتب السنوية، بكل خبزها الثقافي الطازج، نجد الندوات المختلفة في الأدب والفكر والفنون، والمعارض التشكيلية، ومؤتمرات الحوار، والتظاهرات الحية، والترجمات الدائبة من لغات شتى، وأيضا إلى تلك اللغات، ومهرجانات السينما السنوية التي يحضرها نجوم من شتى بلاد العالم، ونجد مقرا دائما ومتسعا وجاذبا، مثل الحي الثقافي، الذي يتنفس بكل تلك الأنشطة، ولا يضيق بها صدره. في ذلك الحي الذي روعي فيه أن يكون ملتقى ثقافيا أولا ومكانا ترفيهيا، أيضا، بحيث تطرقه الأرجل راغبة، خصصت قاعات لكل نشاط، ومسارح، تحتضن جميع أنواع النشاط المسرحي، وحتى الأوبرا التي تحتاج إلى مكان خاص ومؤثرات خاصة، ثمة عربات لنقل المرتادين إن رغبوا، ومقاه ومطاعم يستريح فيها الزائر متى ما شاء، وقد التقيت بصديق يقيم في إحدى دول أوروبا، شارك في نشاط ثقافي مؤخرا، وشاهدت انبهاره على عينيه، من زيارته لذلك الصرح، ويعد ذلك فخرا، أن شارك في أمسية كانت بداخله، وأضاف أنه لم يجد مكانا بهذا السخاء، في كل الدول التي شارك بفعالية فيها. ولأنني من المهتمين بالثقافة، وأشارك في إبقاء جذوتها مشتعلة، مع عشاقها الآخرين، بقدر استطاعتي، فقد أصبح الحي الثقافي أحد أماكني المختارة، أزوره حين تكون ثمة فعاليات مقامة، يسمح لي الوقت بحضورها، وأيضا بلا فعاليات، في أيام نهاية الأسبوع، وأجد نفسي مستمتعا بالتجول بين قاعاته والجلوس على مقاهيه، وأحيانا أصطحب جهاز الكمبيوتر الذي أكتب عليه، وغالبا ما أستوحي نصا أو مقطعا من رواية في ذلك المكان الحميم. أعتقد أن فكرة هذا الحي كانت فكرة في غاية الأهمية، وتنفيذها بهذا الشكل لا يأتي إلا من كرم حقيقي، واهتمام بالغ بهذه المادة الحيوية في مقررات الشعوب، وليكون إضافة مستقبلية لأجيال ستفخر بها ذات يوم. أحيي القائمين على أمر الثقافة لكل ما يقدمونه، والقائمين على أمر الحي الثقافي، لأنهم زودونا بمكان نادر، ترتفع فيه المعنويات بشدة ونستوحي من أنفاسه الكثير.