11 سبتمبر 2025
تسجيلنعيش حالة من الصمت حين نفكر، ونفكر كثيراً حين نحاول الخروج بما يُولد في قلوبنا القناعة الحقيقية التي نبحث عنها؛ كي نخرج بها بشكل يجعلنا نعطي وبكل حب، وهذه النتيجة الأخيرة هي تلك التي نحصدها متى أدركنا معنى أن نخلص وكيفية فعل ذلك، إذ وحده الإخلاص في العمل ما يجعل لكل ما نقدمه قيمة نرتقي بها إلى ما نحب، فنحقق أهدافنا، ونفوز بكل غاياتنا التي تعبر عنا، وكنا نبحث عنها منذ البداية. منذ أسبوع مضى سلطت الضوء على موضوع أحسبه يهمنا جميعاً ووعدت بمتابعته؛ لأنه أصل كل ما نود فعله، ألا وهو (التنظيم)، الذي يتوجب علينا بأن نحسب حسابه كل مرة، ومع كل خطوة نود القيام بها، فهو ما يحدد مسار الأمور، ويتحكم بخطواتها؛ لتسهل العملية أو تصعب، وكل ذلك حسبما سبق لنا وأن خططنا له أو قمنا بتنظيمه، فما ينقصه التنظيم تغلب عليه الهشاشة؛ ليسير بخطوات تُقَبِل الأرض دون أن تنظر إليها السماء، مما يعني أنها ستظل من أهل الأرض وعليها وفيها دون أن يكون لها حق بالتطلع لكل ما يُضفي لها كل ما يمكن بأن يجعلها ذات أهمية تُذكر، وكل ذلك لنقص التنظيم وعدم التأكيد على أهميته منذ البداية. لقد قدمت لي الحياة في الفترة الماضية مجموعة من الأحداث، وجاءت كلها ناقصة هشة إلا ما رحم ربي منها، وذلك بسبب نقص التنظيم أو بالأحرى انعدامه، وهو كل ما تسبب بكثير من الحرج لمن تفضل بتقديم عمل حسب بأنه Extraordinary في حين أنه لم يكن ليتجاوز حدود ذلك أصلاً، والمشكلة أننا نعيش وسط من يعتقد بأن النتائج النهائية هي ما تتحكم بنجاح أو فشل العمل المُقدم، في حين أن الفشل يبدأ من الأعماق، ومن أصل الحكاية كلها ألا وهو (الإنسان ذاته)، فهو الحال مع كل التجمعات التي تأخذ حيزها من واقعنا، والتي تبدأ من الإيمان بفكرة (ما) نشعر بأنها حقيقية ونسعى إلى أن تكون فعلاً. كمثال لا يتجاوز حدود كونه كذلك، ما حدث في آخر تجمع ثقافي جمعنا وزملاء المهنة؛ لتغطية التظاهرة السورية الثقافية، التي سعت لتحقيق الكثير من الأهداف السامية، فنظمت فعالياتها بما يتوافق وفرصة تطبيق تلك الأهداف وتحقيقها، فعمد كل مسؤول تحلى بشيء من المسؤولية إلى التنظيم الحقيقي الذي يبدأ من الأعماق أي من ذاته، وأكد ذلك حين نظم الفعاليات بشكل يسر ولا يضر، حتى وجدناه كذلك فعلاً، فلم يكن التنظيم؛ ليعاني من أي نقص يلتهمه، سوى من الأشخاص الذين بدأت معاناتهم من الأعماق، حيث حسب كل واحد منهم أن العمل لابد وأن يُقدم بكل وسيلة ممكنة، وإن كان ركيكاً لا يستحق بأن يُقدم أصلاً، والمصيبة أن منهم من قدمه بشكل غير أخلاقي بل لا يمت للأخلاق بصلة، في حين أن ديننا ينهى عن ذلك؛ لأنه يقوم على حُسن التعامل في كل شيء فما بالك وعمل أنت تقدمه وتمثله وتمثل من وظفك من قبل ذلك؟ لقد حققت التظاهرة السورية ما كانت تسعى إليه، ولكن تلك هي الصورة النهائية التي تعرضت لكثير من الصدامات قبل أن تكون، وطالت كل من يستتر تحت مظلة الجماعة تلك، ونحن كإعلاميين همنا الأول والأخير هو تسليط الضوء على الحدث، وتغطية ما يكون منه، ولكن قيام كل واحد منا بمهمته يتطلب قيام من يدعي أنه يدرك قيمة التنظيم الذي يحمل بين طياته من لا يدرك ولا يحاول فعل ذلك، وهذا الأخير هو من سيدمر كل شيء بمزيج الغرور والجهل الذي يتمتع به، ويحسب بأنه بفائدة ستعود عليه، والحق أنها ستعود عليه بما سيقضي عليه إن شاء الله له ذلك. حقيقة فإنه لا يمكننا أن ننكر أننا قابلنا من عمل بجد، وعكس البيئة الإنسانية التي ينتمي إليها، ولكننا وفي المقابل لن ننكر من تهاون بعمله ليس ضمن حدود تلك التظاهرة فحسب، بل بشكل عام يشمل العديد من الفعاليات والبرامج التي تتطلب تنظيماً حقيقياً مستنداً إلى خبرات عظيمة، وطاقات بشرية مدركة لقيمة كل ما تقوم به من عمل، وعليه فهو خالص شكرنا للزمرة الأخيرة، وصادق الأمنيات بأن تستمر على ما بدأت به دون أن تتوقف أمام رغبات كل متقاعس فاشل تهمه الضجة الإعلامية، وتغريه الأضواء، ولا يهمه العمل كيف يُقدم ولم يُقدم أصلاً. وأخيراً فإن ما أسعى إلى قوله هو أننا كأفراد نكمل بعضنا بعضاً؛ لأننا ننتمي لنسيج إنساني واحد، يحثنا على التعاون والتكاتف؛ لنقدم من الأعمال ما يميزنا ويعبر عنا بشكل يُرضي الله من قبل الجميع. دعوة صادقة كلفتة إنسانية صادقة تُعرض حياة الشهيد علي الجابر كعمل مسرحي راقٍ على خشبة مسرح قطر الوطني منذ الأحد وحتى الخميس، وعلى من يسعى للتعرف على طيات هذه الشخصية العظيمة حضور العمل الذي وفر لنا فرجة طيبة ومفيدة. وأخيراً تظل الكلمات على قيد الحياة طالما أن الحياة تحمل لنا الكثير من الكلمات في جوفها، مما يعني أننا نملك الكثير لكم، ولكن لا يسعنا إلا أن نوفره للمرات القادمة، وحتى يحين ذاك الحين نلقاكم على خير، وليوفق الله الجميع.