14 سبتمبر 2025

تسجيل

اللاجئة

11 مايو 2015

مقطع من روايةحين أصبحت اللاجئة الإرترية: أببا تسفاي، وبعد عدة أشهر من ظهورها في المدينة، بائعة شاي معتمدة في موقف باصات السفر، وأصبح لها ركن مستقل، وثمة نار توقد، وبراد للماء، وأكواب بيضاء ومشجرة، وزبائن من رواد المكان، مسافرين، ومودعين وبلا سبب،، وأيضا حساد من بائعات الشاي القدامى، حين انحسر بيعن بظهورها، كان عبد القيوم علي، أو عبد القيوم مشكلة، كما يعرف دائما في أي مكان ولجه، وسيلجه مستقبلا، بما في ذلك رحم أمه، وبيوت العربدة السرية في قاع المدينة، قد تنفض من آخر عقوبة بالحبس، استغرقت عامين، ويسعى للعودة إلى موقعه القديم في موقف باصات السفر، متبطلا بجدارة، وأي شيء يمكن أن يكون خلاف رجل عادي سيعيش في سلام.كانت أببا فتاة رائعة، امرأة مثل النسيم، كما قال حسن شجر، السبعيني الطويل محني الظهر، صاحب الثياب البيضاء اللامعة، وطقم الأسنان الذي فيه سن ذهبية، ورئيس الخفراء المعين في المكان منذ أكثر من عشرين عاما. كما قال أكثر من مئة مسافر متبايني الأعمار والسحنات، عبروا إلى مدن عدة، في أيام مختلفة واستعذبوا نكهة أببا وشايها المخلوط بشيء من القرنفل والحبهان، ومجد الجمال الذي لا يشبهه أي مجد. كما قال عبد الغني، لاعب كرة القدم المخضرم، هداف دوري الدرجة الأولى، منذ كان اللعب بأقدام حافية، وعلى ملاعب ترابية، وبكؤوس من البلاستيك الشفاف. كان عبد الغني متوفرا على مقعده المتحرك القديم، ذي الحديد الصدئ، الذي يدفعه ثلاثة من صبيان الحي الذي يعيش فيه، يوميا إلى المكان، حتى يتسلى الرياضي المقعد حاليا بمراقبة حركة السفر والمسافرين، في ذلك الميدان المكتظ، والآن يتسلى بمراقبة لاجئة فرت من حرب منهكة، استهدفت الناس والبيوت، إلى حرب أشد إنهاكا، استهدفتها شخصيا، وهي بعيدة عن وطنها المدمر. الحقيقة أن عبد الغني لم يعلق طواعية على عنفوان أببا، لم يقيمها إلا حين سئل، وكان تقييمه مفخرة بحق وسط شيوخ ما زالوا يتذكرون هدفا بديعا أحرزه في مرمى خصمه، وهو معلق في الهواء ربما منذ ثلاثي أو أربعين عاما، لا أحد باستطاعته التذكر. ذلك أنهم صفقوا بحماس، وانضموا للركب العاشق لبائعة الشاي الجديدة. أيضا مختار، عامل الصحة المسؤول عن رش المبيد الحشري في المكان من حين لآخر، علق، لكن تعليقه لم يكن مهما على الإطلاق، ولا كانت اللاجئة الجميلة، ستزداد وهجا به، فقد نصبت امرأة رائعة.. فتاة حلما، سيتعلق به الجميع، وانتهى الأمر، وتلك الأقوال المأثورة، وعبارات الغزل والهيام، التي يطلقها مختار، وسائقو الباصات ومساعدوهم، وبعض الجزارين، وموردو الأغذية، وموظفو الحكومة الفقراء، الذين يأتون للنبش والتفتيش في المكان بقصد وبغير قصد، وغيرهم، لن تجدي، وستصبح مجرد ترهلات في وصف الجمال، يستحسن أن تزال ببعض الردود القبيحة، أو تنظف اللاجئة منها أذنيها، بمجرد أن تنطق.