24 سبتمبر 2025

تسجيل

نظرة للقانون المدني القطري بعين الشريعة الإسلامية

11 أبريل 2023

ظهر الإسلام في شبه الجزيرة العربية راية حقٍ ونورٍ مبين. وما ان تمركز الإسلام في شبه الجزيرة العربية حتى ساد شريعةً مقدسة فقد خضع سكان منطقة شبه الجزيرة العربية - والتي بطبيعة الحالة الجغرافية- قطر جزء منها لأحكام الشريعة كقانون عام. حتى تأثر المشرع القطري في وقت ليس ببعيد بالقوانين الأجنبية وشرع القوانين الوضعية تحت مظلة العائلة اللاتينية. وعلى الرغم من هذا التأثير الا ان مبادئ الشريعة الإسلامية ظلت هي المعيار الأساسي لما يُقبل من التشريعات الأجنبية. ويكمن جُل تسيد الشريعة الإسلامية فالقانون المدني القطري على وجه الخصوص ذلك لما له من طبيعةٍ متكاملة في تنظيم الروابط القانونية التي تنشأ بين الافراد بعضهم البعض. ونذكر هنا بعض النظريات العامة المتعارف عليها -على سبيل المثال لا الحصرـ والتي استقاها المشرع القطري من أحكام الشريعة الإسلامية. أولاً-لا تركة إلا بعد سداد الدين من المقرر شرعاً ان شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، وان أموال وأعيان التركة منفصلة عن اشخاص الورثة واموالهم الخاصة، لذا فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة ويتقاضون منها الدائنون ديونهم قبل ان يؤول شيء منها للورثة، وهذا تماما ما اخذ به المشرع القطري عند وضع المادة٩٩٧ (مدني) ونص صراحةً «بعد تنفيذ التزامات التركة، يؤول ما بقي من أموالها إلى الورثة، كل بحسب نصيبه الشرعي». ثانياً-التعسف في استعمال الحق على الرغم من ان نظرية «التعسف في استعمال الحق» لم تعرف بهذا الاسم في كتابات القدامى من فقهاء المسلمين، الا ان أصول هذه النظرية وما يتصل بها من احكام موجودة في الشريعة الإسلامية، وطبقها المسلمون في القضايا والمسائل التي كانت تحدث لهم في شتى نواحي علاقتهم بعضهم ببعض. وسار المشرع القطري على نهج الشريعة الإسلامية بشأن استعمال الحق مع شيءٍ من التفصيل ونص في المادة ٦٢ (مدني) على المبدأ العام لاستعمال الحق وكون مُستعمل الحق لا يُسأل عما ينشأ منه من ضرر، ووضع كذلك ضوابط لاستعمال هذا الحق حتى لا يكون سيفاً مسلطاً في يد من قُرر له بهذا الحق فنص في المادة٦٣ (مدني) «يكون استعمال الحق غير مشروع في الحالات التالية» ١-إذا كانت المصلحة التي يرمى الى تحقيقها غير مشروعة. ٢-إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. ٣-إذا كانت المصلحة التي يرمى الى تحقيقها لا تتناسب البتة مع الضرر الذي لحق بالغير. ٤-إذا كان من شأنه ان يلحق بالغير ضرراً فاحشاً غير مألوف. ويُشكر المشرع القطري على هذا التمسك والاتباع للشريعة الإسلامية فلا يكاد يخلو باب من أبواب القانون المدني من أثر الشريعة الإسلامية على الرغم من تصنيفه ضمن عائلة القوانين اللاتينية. وفي الختام، فإن القول بعكس ما أوردنا ذكره مردودٌ بأن تأصل الشريعة الإسلامية في القوانين القطرية وعلى وجه الخصوص القانون المدني جلي الوضوح فهو مبدأٌ دستوري لا حياد عنه.