24 سبتمبر 2025

تسجيل

القطري كفو!

11 أبريل 2023

خلال الشهر الماضي، أقامت وزارة الثقافة مشكورة عدة ندوات في معرض رمضان للكتاب. وفيها، تم استضافة شخصيات بارزة ورائدة في المجتمع، ذكروا قصصا مهمة وقيمة، وسأذكر منها اثنتين هنا. القصة الأولى كانت على لسان وزير التعليم السابق سعادة الدكتور عبدالعزيز بن تركي السبيعي أيام تأسيس جامعة قطر، حيث يذكر أن سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، رحمه الله، وجّه في بداية سبعينيات القرن الماضي بإنشاء جامعة وطنية في قطر، فاتجه الوزير والدكتور عيسى غانم الكواري، رحمه الله، إلى السفير البريطاني لاستشارة خبراء من الخارج، فندب السفير خبيرين اثنين من جامعة درم البريطانية. أتى الخبراء إلى قطر وأعدوا تقريرا من خمس عشرة صفحة يوصون فيه بأن لا حاجة لقطر في إنشاء جامعة، وأنه يُكتفى فقط بإنشاء صف واحد بعد إنهاء الدراسة الثانوية لإعداد الطلاب للالتحاق بجامعة درم! اتصل الدكتور الكواري بالسبيعي ومحمد سالم الكواري لإعطاء رأيهما في التقرير، فكتبا تقريرا يرفض التقرير البريطاني لأنه لا يحقق طموح الدولة. ألغى الشيخ خليفة، رحمة الله عليه، التقرير البريطاني. وبعد ذلك أعطت مجموعة أخرى ممن تعمل في الوزارة اقتراحاً بأن يتم جلب فريق من مصر لإنشاء الجامعة، فأتوا بمجموعة علماء من مصر وعلى رأسهم رئيس جامعة القاهرة، وعملوا نظاما تعليميا مفصلا على نموذج النظام التعليمي الموجود في مصر. تم تقييم هذا النظام ولم يُقبل لأنه كبير ولا يناسب قطر كدولة ومجتمع صغير. فيما بعد جلس الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني- رحمه الله - وزير المعارف آنذاك، للخروج بحل لإنشاء الجامعة، فأخبره الشباب القطريون بأنهم يجب عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في إنشاء الجامعة، وأن ما يلزمهم فقط هو خبير من اليونسكو. وهذا ما حصل، تم بناء مشروع جامعة قطر من قبل فريق وزارة المعارف مع الخبير. ومن ثم افتُتحت جامعة قطر في عام ١٩٧٣. القصة الثانية هي عن إنشاء وزارة الخارجية في دولة قطر في عصر الشيخ خليفة آل ثاني، رحمه الله، وفي وقتها، لم يكن لدينا في قطر سفراء أو من نعتمد عليه لإدارة البعثات الدبلوماسية، فدار الحديث حول إمكانية اعتمادنا على الآخرين وإرسال سفراء غير قطريين حتى يتطور القطريون ويستطيعون استبدال السفراء الأجانب، فصدر قرار القيادة آنذاك برفض هذا الاقتراح والاعتماد على القطريين حتى يتعلموا من أخطائهم. وهذا القرار جعل العديد من القطريين يعملون في وزارة الخارجية وهم شباب، ومنهم سعادة السفير حمد بن عبدالعزيز الكواري الذي حكى هذه القصة، والذي كان عمره عندما أصبح سفيرا ٢٢ سنة. هاتان القصتان تثلجان صدر كل قطري، وفيهما دروس كثيرة، ولكن ما جذبني فيهما حقاً هو الاعتماد على القطريين والكفاءات الوطنية لأن ذلك في النهاية هو ما في مصلحة قطر والشعب القطري! وهذه ليست دعوة إلى إقصاء غير القطري في مراكز العمل، ولكنها دعوة إلى الاعتماد والثقة بالقطري أولاً، وخاصة في الدوائر الحكومية، فلدينا الكثير من الكفاءات الثمينة. ومؤهلات القطري اليوم تتحدث عن نفسها، فهو اليوم دكتور ومهندس وفنان وكاتب ورجل أعمال ومعلم وغيرها من المؤهلات والمهن النبيلة. فلنرجع إلى الزمن الجميل.. فلنثق بالقطري ولنعتمد عليه أولاً وبشكل رئيس، فهو جدير بالثقة وهو من يعرف ما هو الأفضل لقطر!