16 سبتمبر 2025
تسجيلأهم الحقائق التي يمكن أن نتوصل لها من دراسة تاريخ النظامين المصري والتونسي أن الفساد دائماً يرتبط بالاستبداد . وإدراك تلك الحقيقة من أهم الأسس التي يجب أن نقيم عليها مستقبلنا ، فالذي يريد الإصلاح يجب أن يقاوم الديكتاتورية ، وأن يكافح لحماية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان . والنظام الاستبدادي يصنع له أنصارا وأعواناً من الفاسدين الذين يعبدون الدنيا بكل ترفها . فيتخلون عن كل معاني الشرف والقيم الأخلاقية ، ولا يهمهم سوى الحصول على الأموال التي تمكنهم من أن يمتعوا أنفسهم ، وأن يحصلوا على كل أنواع اللذة . وهؤلاء الفاسدون المترفون هم أهم أعوان المستبدين في كل العصور ، فهم يعيشون لأنفسهم ويتكبرون على شعوبهم ويسخرون من الشرفاء ويحتقرون الذين يتمسكون بالقيم والأخلاق ويضحون من أجل الوطن . إن أردت دليلاً على صحة ما أقول فأنظر إلى تركيب لجنة السياسات في الحزب الوطني ، وهي تلك اللجنة التي تجمع فيها الفاسدون الذين كان كل هدفهم أن ينقلوا السلطة من حسني مبارك إلى ابنه جمال . ولقد استخدم أعضاء هذه اللجنة كل خبراتهم من أجل تحقيق مشروع التوريث ، وفي مقابل ذلك فقد تم إطلاق أيديهم في ثروات مصر وأراضيها وخيراتها ينهبون منها ما يشاءون ، ويحولون المليارات إلى حسابات سرية في الخارج . وأعضاء تلك اللجنة كانوا يتعاملون باحتقار شديد مع شعب مصر ، حيث يعتبرون أنفسهم السادة بينما كل شعب مصر من العبيد . أخيراً أدرك علاء مبارك تلك الحقيقة حين صاح في أخيه جمال : أنت خربت البلد أنت وأصحابك . لكن ذلك الإدراك جاء متأخراً في اليوم الأخير لعهد ذاق فيه شعب مصر العذاب والإفقار . ولقد ظهرت بعض الحقائق المثيرة عن ثروات رجال الأعمال الذين تمتعوا بالسلطة وبعضوية لجنة السياسات وبالنجومية في وسائل الإعلام وبالحصانة البرلمانية والمناصب التنفيذية . وقدرت ثروة مصر التي نهبها المفسدون بثلاثة تريليونات من الدولارات ، والتريليون أيها السادة هو ألف بليون دولار. والسؤال : ماذا لو تم استخدام هذه الثروة في بناء المصانع والمدن وإصلاح الأرض .. هل كان يمكن أن يكون هناك فقير في مصر . هذه الثروة أيها السادة كان يمكن أن تحقق التقدم ، وأن تحول مصر إلى دولة متقدمة . لقد أطلق النظام الفاسدين ينهبون ثروة مصر ويفقرون أهلها من أجل أن يحقق مشروع التوريث . وكان هؤلاء الفاسدون يستعينون بأجهزة الأمن في تأديب وتخويف وإرهاب كل من تحدثه نفسه بأن يتحداهم أو يكشف فسادهم . وكانت عضوية لجنة السياسات مقصورة على من تتأكد أجهزة الأمن أنه قد فسد حتى لم تعد هناك إمكانية لصحوة ضمير ، وأنه أصبح صاحب مصلحة في توريث جمال مبارك ، وأن مستقبله أصبح يرتبط بهذا المشروع ، وأنه يملك أفكاراً وخبرة يمكن أن يساهم بها في نجاح المشروع . ولكن أجهزة الأمن كانت أيضاً تحتفظ بوثائق تدين كل النجوم الفاسدين ، وتجمع هذه الوثائق في مبنى الحزب الوطني ، حتى يدرك هؤلاء النجوم أن حياتهم ترتبط بهذا النظام . فهل يمكن أن يشكل ذلك تفسيراً لحرق مبنى الحزب الوطني ، ومن هو صاحب المصلحة في حرقه . وهل يشكل ذلك أيضاً تفسيرا لقيام رجال الأعمال بتمويل البلطجية لضرب المتظاهرين ، وقيام الإعلاميين الحكوميين بالدفاع عن النظام حتى آخر لحظة !!.