11 سبتمبر 2025
تسجيلسمي (شعبان) لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، وقد ورد فيه أحاديث منها ما ورته عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان) وفي رواية صحيحة (كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا). وهذا ما جعل أهل العلم ومنهم ابن المبارك يرجحون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيامه، وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد لذلك ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - صام شهراً كله إلا رمضان) والعلة في ذلك ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم». قال ابن رجب رحمه الله: أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان» يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام، وليس كذلك. وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها: - أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد وربه، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء، وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم به أحد، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته! وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه. - كذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس، فقد روى مسلم رقم عن معقل بن يسار: «العبادة في الهرْج كالهجرة إلي». - وشعبان قد أتى ومطلق العبادات فيه مستحبة فلا تحرم نفسك وأهلك الخير.