19 سبتمبر 2025
تسجيليقول طاغور" يا رب إذا أسأت إلى الناس فامنحني شجاعة الاعتذار، وإذا أساء الناس إليّ، فامنحني شجاعة العفو والغفران". يُمثل الاعتذار ركيزة من ركائز الأخلاق التي يرتقي بها الأفراد في حياتهم العامة والخاصة، وهو سلوك يعكس مدى اتساع مدارك الشخصية الإنسانية الفكرية ومدى ثرائها، ولذا نطرح تساؤلا مهما.. هل يتقن الجميع فن الاعتذار، وهل يركون قيمته وأثره؟ يعتقد البعض أن الاعتذار " ضعف " وأنه سمة من سمات الشخصيات الضعيفة وفي حقيقة الأمر هو قمة القوة، حيث إن الإنسان القوي هو من يستطيع الاعتراف بأخطائه ويبادر بتصحيحها والاعتذار عنها، فالاعتذار لا يقلِّل من قيمة الشخص، بل يزيدها ويمنحها صفة من صفات المتحضرين، وهو فن وذوق وأخلاق ومهارة اجتماعية لا يتمكن منها إلا أصحاب الشخصيات المتزنة. اعتذارك النابع من إحساسك بالخطأ، وهذا يعود بنفعه عليك بالدرجة الأولى، ويظهر أنك تتحمل مسؤولية أفعالك كاملة، ويساعد على تعزيز ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك مما يجعل الآخرين يحترمونك أيضا، وعليك أن تعلم أن الاعتذار لا يهدف إلى إذلال نفسك ابداً، وإنما هو إظهار لقوتك الداخلية ولثقافتك الراقية التي غرست في تربيتك. لذا من الضروري أن ینشأ الطفل على ثقافة الاعتذار، فقد أظهرت نتائج دراسة نشرتها مجلة التربية في "جامعة الأزهر" أن تنشئة الأطفال على فضیلة الاعتذار من شأنها أن توجد مجتمعاً مترابطاً متكافئا خالیاً من الحسد والحقد مترفعاً عن التكبر. والروائي البرازيلي "باولو كويلو"، وجه نصيحة ثمينة لكل المجتمعات بقوله "ازرعوا في أطفالكم دائماً ثلاث ثقافات: الاعتذار والمحبة والشكر، فمجتمعنا مجحف بها جداً". وتصب ثقافة الاعتذار في بناء أواصر التواصل الاجتماعي الذي بدوره يسهم في بناء وتعزيز العلاقات الإيجابية بين أفراد المجتمع، حيث تتمتع المجتمعات المتحضرة بأنساق سلوكية يشكل الاعتذار ركيزة أساسية فيها. وقبل أن أختم معك عزيزي القارئ، أعلم أن الاعتذار ثقافة وفن عالمي، يدل على قوتك وحكمتك واحترامك لنفسك وتقديرك لغيرك، سواء كنت المعتذر عن خطئه أو المعتذر له. قال الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه "أعقل الناس أعذرهم لهم". كاتبة قطرية, مدربة تنمية بشرية وتطوير ذات مستشارة علاقات عامة واتصال [email protected] @almutawa_somaya