15 سبتمبر 2025

تسجيل

مساوئ الفساد

11 فبراير 2019

لو جَمعت أموال الفساد التي أخذها المفسدون في الأرض بدون وجه حق وبطُرق شتى فكم يتخيل الإنسان أن يبلغ عددها فبالتأكيد رقم فلكي قد لا يتخيله عقل الإنسان ولو سُكبت هذه الأموال في البحار والأنهار لامتلأت. فالكثير من هذه الأموال امتزجت بدماء الشعوب وبعرقهم وتعبهم ومعاناتهم وكان أخذها سبباً في شقائهم وبحثهم عن الحياة الكريمة في أصقاع الأرض بل فقد الكثيرون أرواحهم في بحار المتوسط للبحث عن لقمة العيش التي بدأت تُفقد في كثير من الدول العربية. فبرغم ما يملكه العالم العربي من امكانيات اقتصادية ضخمة جداً كفيلة بأن تجعل من مواطنيه يعيشون في وطنهم بألف خير لا تفترسهم الحاجة ولا يقتلهم الجوع والعطش ولا الأمراض القاتلة ولا يعانون من الجهل ولا يجدون فرصة لتعليم أبنائهم ولا المال اللازم. ونتج عن أخذ أموال البلاد والعباد تخلف العالم العربي عن كثير من الدول بالنسبة للصناعة والزراعة وكل شيء تقريباً ما عدا الخلافات السياسية البينية. فلم يبرع أحد في دول العالم مثلهم فيه، فخلافاتهم لا تنتهي وإن انتهت في مكان بدأت في مكان آخر وبعد أن امتلأت البنوك الخارجية بثروات الشعوب سخروا الباقي على المكر والخداع وتغذية الصراعات البينية وعطلوا طاقات الشعوب وجعلوا بينها وبين التقدم العلمي حاجزا كبيرا من الجهل والأفكار البالية التي تؤخر ولا تقدم إلا الأشياء العبثية. وفي كثير من الأحيان نسمع عن مكافحة الفساد في العالم العربي وهذا في الحقيقة مدعاة للسخرية والضحك فلم نسمع بأن أحدا قد استرجع شيئا من أموال الفساد إلا في أضيق الحدود فالذي يخرج لا يعود. وعندما يموت هؤلاء المفسدون تضيع جُل هذه الأموال التي حمل وزرها الذي قد تعجز عن حمله الجبال فلا هو استفاد منها ولا تخلص منها وأرجعها لخزانة الدولة. وكم نسمع عن تشكيل لجان تحقق في كثير من القضايا التي تتعلق بالمال العام في الكثير من الدول لكن قط لم نسمع عما توصلت له هذه اللجان في ذلك يعني ذر الرماد في العيون فمن أمن العقوبة أساء الأدب كما يقولون. وآخر الكلام البعض أخذ كل شيء وحَمل البلاد والعباد ديونا ضخمة وتركة كبيرة لمن يأتي بعده وترك شعبه على الحديدة وربما يأتي يوم يطلب منهم أن يعطوه أعضاءهم الداخلية ليبيعها. [email protected]