11 سبتمبر 2025
تسجيلكنت في جولة قبل فترة في بعض الروض شمال قطر، وما رأيته يصيب القلب بغصة من رؤية أشجار شبه جافة وأراضٍ جرداء جافة تكاد أن تكون متحجرة، وذلك من انعدام نزول المطر منذ فترة طويلة. من المؤسف أن هناك حديثاً يدور لدى البعض في شأن عدم نزول المطر، وسبب ذلك يعود لأسباب مناخية، منطقية، تلوث، وأن الأمر خارج عن شأن ما يقترفه العبد من ذنوب ومعاص!. إن الله عز وجل قدر لكل شيء قدره، وأن لكل شيء أسبابه ولكن قد تتوفر جميع الأسباب دون حدوث الأمر، فكلُ شيء بعد تمام الأسباب أو عدم تمامها هو بأمر الله عز وجل. فطلب الغيث من الله عز وجل شرع في حال شح الأمطار، وذلك بالتوجه إليه سبحانه بصلاة الاستسقاء والتضرع، والإلحاح عليه سبحانه ليغيثنا بالأمطار، وأن هذه الصلاة لم تشرع عبثاً بل هيّ تأكيد على أن العبد مُطالب بالتوجه إلى الله عز وجل في طلب الغيث. فإن شيوع شأن عدم علاقة الذنب بانقطاع الرحمة في المجتمع أمر خطير، فهذا التوجه أخذٌ بالعوالم المناخية والطبيعة البيئية دون النظر إلى الشأن الشرعي وكأن صلاة الاستسقاء مجرد صلاة تؤدى واجباً وظيفياً وهيّ نوع من إخراج المجتمع من الطابع الإسلامي الشرعي إلى طابع المنطق والتحليل!. صلاة الاستسقاء إن مفهوم صلاة الاستسقاء ليست بتقديم صلاة كواجب، بل هيّ صلاة يجب أن يحضر مؤديها خنوعاً وخضوعاً وخشوعاً وإلحاحاً على الله عز وجل وهيّ ليست بصلاة للتجربة بل يجب أن يكون هناك حسن ظن وثقه باستجابة الله عز وجل، فهل رأيت قط شخصا يطلب من الله عز وجل حاجة شخصية دون إلحاح وطلب بطريقة شكلية وبعجاله، لا بكل تأكيد، وهذا ما يجب في طلب الغيث من الله عز وجل مع الالتزام بما شرع الله والانتهاء والابتعاد عما نهى عنه سبحانه. تهيئة الأسباب وهيّ بالالتزام بأوامر الله عز وجل، وتحري الحلال في الرزق، وتطبيق العدل بين الناس، حتى لا يطبق عليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن (أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ). نزول الغيث أنعم الله علينا فضلاً ورحمةً منه سبحانه في الفترة السابقة بالغيث، فأُغيث الناس والدواب وسقيت الأرض ورويت الأشجار وهيّ بالتأكيد ليست لأُسس مناخية ما بين هواء بارد، ومنخفض جوي وآليات حسابية ولكن هيّ بالتأكيد دعاء قد أُستجيب له وهيّ بلا شك رحمةٌ من الله لكُل ما هو حي، وقد ذُكر كثيراً في السابق تأكيد وقوع المطر ولكن لم يتم ذلك، نعم يُنظر للعلم ولكن لا يؤمن به خارج إطار الشرع. أخيراً إن العدل باب لكل خير، وأن اتباع ما حلل الله عز وجل، وتجنب ما نهى عنه تظهر ثماره على العبد في الدنيا والآخرة. bosuodaa@