11 سبتمبر 2025

تسجيل

ولَوْ علم الله فيهم خيرا لأسمعهم

10 ديسمبر 2023

لماذا يرى بعض الناس الحق ولا يتبعونه؟! ويرون الباطل ويقتدون بأهله؟! لماذا يرون المعروف وينكرونه؟! ويبصرون الباطل ويفعلونه؟! لماذا سِلْم على الأعداء حرب على الأولياء؟! لماذا يهاجمون من يدافع عن مقدسات الأمة في الوقت الذي يهادنون فيه أعداء دينهم وأمتهم؟! أسئلة أجاب القرآن عنها بأبين عبارة وأحكم أسلوب قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) إن شر ما دب على الأرض هم الصم الذين انسدت آذانهم عن سماع الحق فلا يسمعون، البكم الذين خرست ألسنتهم عن النطق بالحق ومساندة أهله. علم الله أنه لا خير فيهم، ولا رجاء منهم، ولا التفات لهم إلى الحق بوجه من الوجوه ولو كثرت آياته: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) يعرفون الصدق ويكذبون، يعلمون العدل ويظلمون، يفهمون الأمانة ويخونون، يفقهون الدين ويمرقون، يرون الحق ويبطلون (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ) أي لأسمع قلوبهم وشرحها لما تسمعه آذانهم.. ولكنه - سبحانه- لم يعلم فيهم خيرا ولا رغبة في الهدى؛ فقد أفسدوا استعداداتهم الفطرية للتلقي والاستجابة؛ فلم يفتح الله عليهم ما أغلقوا هم من قلوبهم، وما أفسدوا هم من فطرتهم. ولو جعلهم الله يدركون بعقولهم حقيقة ما يدعون إليه، ما فتحوا قلوبهم له ولا استجابوا لما فهموا.. {ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}؛ لأن العقل قد يدرك، ولكن القلب المطموس لا يستجيب. فحتى لو أسمعهم الله سماع الفهم لتولوا هم عن الاستجابة. والاستجابة هي السماع الصحيح. وكم من ناس تفهم عقولهم ولكن قلوبهم مطموسة لا تستجيب. هؤلاء نبت لا جذر له، ولا حياة معه، ولا عز به، وجودهم في الصف فتنة وخذلان، وخروجهم منه آية وإنعام (كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ) هؤلاء لا يجب الحزن عليهم ولا الانشغال بهم، بل ينبغي على الجماعة المسلمة حمد الله على ذهابهم وخذلانهم لأنهم (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) إنهم لا يرقبون في المؤمنين إلا ولا ذمة، هم يعادون الدين وإن تسموا بأسماء المسلمين، يعادون المنهج وإن ادعوا أنهم يعادون فصيلا ما أو جماعة ما أو حزبا منا، لذلك يفرحون لمصاب المسلمين ويحزنون لفوزهم (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) والتفاعل الإيجابي مع هؤلاء تركهم وعدم الاهتمام بهم أو الانشغال بتوافههم مع الاعتقاد الجازم أنه (لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)