15 سبتمبر 2025

تسجيل

قمة الدوحة.. بين آمال التكامل الخليجي وحرب غزة

10 ديسمبر 2023

انعقدت القمة الخليجية 44 في 5 ديسمبر 2023- في العاصمة القطرية - الدوحة في ظل ظروف بالغة التعقيد وسط متغيرات متسارعة على الأصعدة الخليجية والعربية والدولية. وصادف يوم انعقاد القمة الخليجية الذكرى الثانية لقمة العُلا والمصالحة الخليجية عام 2021- وتزامت مع مرور شهرين على حرب إسرائيل على غزة- وانسداد آفاق إيجاد أي اختراق يُوقف مسلسل القتل ومجازر حرب إبادة جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المنكوب وشعبها المهجر النازف. وانهيار الهدنة الإنسانية، التي نجحت وساطة دولة قطر بشكل مباشر ومعها دور مصري لوجستي وضغط أمريكي على نتنياهو، وصمدت لأسبوع تم خلالها تبادل أسرى وسجناء بواقع الإفراج عن ثلاثة سجناء فلسطينيين في سجون الاحتلال لكل إسرائيلي تفرج عنهم كتائب عزالدين القسام- الجناح العسكري لحركة حماس. وإدخال شاحنات المساعدات عبر معبر رفح المصري. لكن استمرار جنون الحرب المفتوحة وتجاوز عدد الشهداء 17 ألفا والجرحى 46 ألف مصاب وآلاف المفقودين وآلاف الشهداء تحت الأنقاض، في مأساة القرن الحادي والعشرين. وسط تواطؤ وشراكة دولية في الجريمة وعجز عربي وإسلامي خاصة بعد فشل تنفيذ بنود القمة العربية-الإسلامية المشتركة في الرياض في 11-11-2023- دون أن توقف حرب الإبادة المسعورة وتدخل قوافل المساعدات العربية - الإسلامية والدولية إلى قطاع غزة. وذلك برغم تشكيل القمتين وفد منبثق من القمتين العربية والإسلامية جابت الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للدفع لتحقيق مخرجات القمتين. أكد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في افتتاح القمة الخليجية44-أهمية أن يسهم التفاهم والتواصل بين القادة ووحدة الصف وتحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين في تنمية وتعزيز العمل الخليجي والأمني المشترك بما يحقق مصالح دولنا وتطلعات شعوبنا، ويعزز مكانة مجلس التعاون إقليمياً ودولياً، ويتيح فرصاً أكبر للنمو والازدهار.. والمتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة تحتّم تشاوراً وتنسيقاً مستمراً بين دول المجلس للتعامل معها... ووقوف دول المجلس صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس. وطالبت قمة الدوحة بإنهاء الاحتلال وحل الدولتين. لذلك فرضت حرب إسرائيل على غزة نفسها على القمة الخليجية في الدوحة التي عقدت في ظروف استثنائية إقليمية-وبعد ثلاثة أسابيع من القمتين العربية-والإسلامية في الرياض. وبعد انهيار الهدنة بسبب التعنت وحرب الإبادة التي تصر إسرائيل وحكومة الحرب المتطرفة تصر على المضي فيها بهدف تحقيق أهداف بعيدة المنال، كررها مراراً نتنياهو ووزير دفاعه-بالقضاء على حماس ليتم تعديل الهدف إلى إضعاف حماس وشل قدراتها والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس وفصائل فلسطينية وتحييد قطاع غزة لإنهاء تهديدها على أمن إسرائيل. تلك الأهداف بعد شهرين من الحرب، وشهر ونصف من الحرب البرية فشلت بتحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية. وكان ملفتاً في كلمة سمو الشيخ تميم بن حمد في كلمته في افتتاح القمة: اتهام إسرائيل بقتل ممنهج للمدنيين في غزة، وانتهاكها لكافة المعايير والقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بارتكاب قوات الاحتلال جرائم ضد الإنسانية.... وعلى الرغم من انكشاف حجم الجريمة ما زالت بعض الأوساط الرسمية تستكثر على الشعب الفلسطيني مطلب وقف إطلاق النار». لذلك لم يكن مستغرباً أن تفرض مأساة ومعاناة حرب إسرائيل نفسها على غزة في القمة الخليجية-والتي تميزت المشاركة الخليجية بمستوى رفيع من التمثيل من قادة دول مجلس التعاون. وتصدرت أعمال القمة حرب إسرائيل على غزة-كما كان ملفتاً التأكيد على الملفات الاقتصادية الخليجية. وأدان مجلس التعاون الخليجي في بيان الدوحة بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان-القصف الإسرائيلي العشوائي على قطاع غزة والتهجير القسري للسكان المدنيين وتدمير البنى التحتية والمنشآت المدنية بما فيها المباني السكنية والمدارس والمنشآت الصحية ودور العبادة...وطالب البيان الختامي بوقف كامل ومستدام للحرب. وعبر القادة عن الاستياء من العدوان كما أشار سمو الشيخ تميم بن حمد- أنه «من العار على المجتمع الدولي أن يتيح استمرار هذه الجريمة النكراء التي تواصل فيها القتل الممنهج والمقصود للمدنيين الأبرياء العزل بما في ذلك النساء والأطفال لقرابة الشهرين». وأكد سموه أن قطر تواصل العمل لتجديد وتمديد الهدنة في قطاع غزة، وأن ذلك «ليس بديلاً عن وقف دائم لإطلاق النار». وأن على مجلس الأمن إجبار إسرائيل العودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب على غزة. لكن الواضح أن إدارة بايدن تشكل العامل الداعم بقوة لحرب إسرائيل على غزة-وحسب احصائيات البنتاغون-وزارة الدفاع الأمريكية-عن تسليم 10 آلاف طن من المعدات العسكرية الأمريكية تم نقلها على متن 200 طائرة شحن منذ بدء لحرب على غزة في أكتوبر الماضي. وكان صادماً ومستفزاً استخدام أمريكا الفيتو ضد قرار وقف إطلاق فوري للنار ! ويبدو أن إدارة بايدن التي تواجه انتقادات داخلية وتهديدات للأمن الأمريكي في الداخل كما عبر عنه وزير الأمن الداخلي ومدير وكالة مكتب التحقيق الفيدرالي بدق ناقوس الخطر والتحذير من مستويات التهديد في الداخل الأمريكي. حيث وصلت جميع أنواع التهديدات المرتفعة في آن واحد. كما أن هناك تمرد داخل الحزب الديمقراطي نفسه- ما قد يؤثر على فرص إعادة انتخاب الرئيس بايدن في انتخابات الرئاسة العام القادم. ويبدو أن الإدارة الأمريكية أعطت حكومة الحرب في إسرائيل حتى شهر يناير لإنهاء العمليات العسكرية التي لم تحقق مع بدء الشهر الثالث أي من الأهداف الاستراتيجية وانجازات يسوقها النظام السياسي والعسكري المأزوم والذي سيطاح برؤوس قادته بعد نهاية الحرب المسعورة. للأسف لا يبدو هناك أي حل قريب لمأساة حرب غزة-مع استمرار فشل العدوان بتحقيق أي من أهدافه.. وكذلك برغم اكتمال المصالحة الخليجية منذ عامين- إلا أنه لا يبدو أننا اقتربنا من تحقيق التكامل والوحدة الخليجية!