11 سبتمبر 2025
تسجيلاعتقد أنكم تشعرون معي بالغضب والحزن وأنتم تشاهدون كيف يتعامل جيش الاحتلال الإسرائيلي مع الأسرى الفلسطينيين ؛ فيرغمهم على التعري، ووضع رؤوسهم بين أرجلهم بهدف الإذلال. واعتقد أن جيش الاحتلال الاسرائيلي سرب تلك الصورة لكى يشعر المسلمون والعرب بإهانة كرامتهم، لكنني أرى أن الصورة تشكل اهانة للكرامة الانسانية بشكل عام، وأن كل صاحب ضمير يجب أن يغضب ويثور ويرفض هذا العدوان على الانسانية والحضارة. كما أن كل مثقف يحترم نفسه يجب أن يساهم في كشف حقيقة العصابات الصهيونية التى اغتصبت أرض فلسطين، وقهرت شعبها، وسرقت أراضيهم وبيوتهم بإثارة الرعب في نفوسهم.هذه الصورة ليست جديدة، فالاحتلال الاسرائيلي استخدم كل وسائل التعذيب مع الأسرى الفلسطينيين منذ بداية السيطرة على أرض فلسطين عام 1948، ويمكن أن يستمع العالم إلى شهادات الأسيرات الفلسطينيات ليعرف مدى قسوة الجيش الإسرائيلي، وأساليبه في إذلال الأسرى، والحاق أكبر قدر من الألم بأجسادهم وأنفسهم والصورة تعيد إلى ذاكرتنا مشاهد تعامل جيش الاحتلال الاسرائيلي مع الأسرى المصريين بعد هزيمة 1967، وكيف كان الجنود الاسرائيليون يتسلون بتعذيب الأسرى للحصول على المتعة. وتم تسريب مشاهد قتل الأسرى المصريين وإهانتهم، وتصوير فيلم يتضمن هذه المشاهد بهدف إذلال الشعب المصري، ونقل رسالة تتضمن الكثير من المعاني من أهمها: إننا نستطيع أن نفعل ذلك بكم إن عدتم للعداء معنا !!. وكان الجيش الأمريكي قد استخدم الأسلوب نفسه ؛ عندما قام بتسريب مشاهد التعذيب في سجن أبى غريب الرهيب بهدف اهانة الكرامة العربية. وهناك أدلة يعرفها الكثيرون على أن خبراء اسرائيليين قاموا بتعليم السجانين للقيام بتعذيب المسجونين في السجون العربية، بهدف نقل رسالة هى أن الصهاينة يستطيعون اهانة كرامتكم حتى داخل بلادكم، وأن هناك من ينفذ أوامرنا فيقوم بقهركم وإذلالكم !!. أما الأسرى في السجون الاسرائيلية ؛ فإنهم قد تعرضوا لأنواع من التعذيب لم تعرفها البشرية من قبل ؛ فالصهاينة أبدعوا فى ابتكار وسائل إلحاق الأذى والضرر والألم بأجساد الأسرى بهدف تدمير نفسيتهم وتحطيم معنوياتهم.. لكن ما الذى دفعهم لاستخدام كل قدراتهم العقلية فى ابتكار هذه الوسائل.. وما الذى جعل الجنود الاسرائيليين يتفوقون فى اختراع وسائل التعذيب البدني والمعنوي واستخدامها ؟ إن حاخامات اليهود قاموا بدور خطير في تشكيل نفسية الجنود الاسرائيليين باستخدام النصوص الدينية ؛ لزيادة القسوة على الآخرين، والتمتع برؤية معاناتهم وعذابهم، والشعور بالسعادة عندما يشاهدون الأسرى يعبرون عن الألم، وتتحطم كرامتهم. لكن هناك أيضا عوامل عنصرية، فهم يتعاملون مع الآخرين باحتقار، ويرفضون الاعتراف بحقوقهم الانسانية، وقد ساهم الاستعلاء العنصرى العرقي في دفع المستعمرين الغربيين خاصة الفرنسيين للتعامل بقسوة وعنجهية وصلف مع العرب والأفارقة ؛ فقاموا بحرق القرى، وتدمير البيوت على ساكنيها. في ضوء ذلك يمكن أن نربط بين قيام جيش الاحتلال الاسرائيلى بتدمير غزة باستخدام آلاف الأطنان من المتفجرات، وقتل الأطفال والنساء بدون رحمة، وارغام الأسرى الفلسطينيين على التعري، والجلوس بهذا الشكل المهين ؛ بهدف سحق الكرامة الانسانية وتدمير المعنويات. لذلك فإن كل عربي يجب أن يدرك الآن الحقيقة الساطعة وهى أن المقاومة الاسلامية فى غزة تدافع عن كرامة الأمة كلها، وأنها تقوم بثورة لتحرير الانسان العربي من الذل، وتواجه قوة الجيش الاسرائيلي الغاشمة التى تنتهك كرامة الإنسان. ولو راجع العرب تاريخهم لاكتشفوا أن كرامة العربي أغلى عليه من حياته، وأنه يفضل أن يموت عزيزا على أن يعيش ذليلا.. لذلك اتخذت المقاومة الاسلامية الفلسطينية قرارها الحاسم الذى يعبر عن حق الأمة في الحياة بكرامة، وهو أن تصمد في مواجهة العدوان الاسرائيلي، وتتحدى استكباره وقوته الغاشمة.. لكن من حق هذه المقاومة الاسلامية على الأمة العربية أن تنتفض وتثور وتدافع عن كرامتها، وتعبر عن تأييدها للمقاومة، فالكرامة أهم من الحياة.. والموت شهادة أنبل وأشرف من حياة ذليلة.. وما أجمل الموت دفاعا عن الحرية والكرامة والإسلام.