14 سبتمبر 2025

تسجيل

فلتكن من النخبة

10 ديسمبر 2013

حين يتعلق الأمر بالعلم والمعرفة والحيز الذي يشغله الأول، وتلك المساحة التي تتباهى بها الثانية فلاشك أننا سنقف أمام رقعة كبيرة جداً من الاختلافات التي ستميز كل واحد منا عن الآخر وذلك لأنها تلك التي ستخرج وبشكل طبيعي من رحم عقلية متوهجة وُجدت لتُعبر عن ذاتها، وتكشف عن كل ما تتميز به، ويظهر من خلال نسيجها الثقافي، الذي تتمازج فيه كل معارفه وعلومه المكتسبة، وهي تلك التي نخرج بها من التجارب الحياتية التي نعيشها وتفرضها علينا الحياة مع كل زاوية منها تطل علينا، أو من خلال تلك الرحلات التي نخوضها عن طريق الكتب، التي تختصر المسافات؛ لتقرب لعقولنا كل ما لا نستطيع الوصول إليه؛ كي نصل إليه فندركه وكأننا في قلب الحدث فعلاً، ولكم هي رائعة تلك الرحلات التي لا تُكلفنا سوى ثمن الكتاب، ولكنها وفي المقابل تقدم لنا ما هو أكثر بكثير. إن الخبرات التي يمكن أن نخرج بها من خلال كل ما نتعرض له في حياتنا من مواقف نواجهها، أو من خلال كل ما نواجهه عن طريق الكتب لا يتساوى، ولكنه ما يُحسب ويمكن بأن نستند إليه وقت الحاجة، والحق أن التفرغ ولساعات جادة؛ من أجل قراءة كتاب يفيض بالمعرفة يمكن أن يجعلنا نحلق ونسافر ونختبر الحياة وكأننا نفعل ذلك فعلاً، وإن لم نكن قد فعلناه أصلاً، وهو ما يؤكد على قيمة الكتاب الذي نعرف وندرك أنه خير جليس، لن ندرك معنى الخسارة معه أبداً، فكل ما سنخرج به منه هو الربح والربح الحقيقي الذي يمكن أن يُعوضنا عن كل ما فاتنا من قبل، والحق أن طبيعة ما يدور من حولنا خلال هذه الأيام، بدخول معرض الدوحة الدولي للكتاب، بكل ما يحمله من كتب عظيمة جاءت لتستعرض عضلاتها علينا؛ كي تحفزنا على الإقبال عليها يجعلنا ننساق وبكل ود نحوها تلك الكتب، التي يكفيها منا أن نسعى لاقتناء القليل منها؛ لنشحن طاقاتنا الفكرية أكثر، ونتجدد معها ونصبح أكثر دراية بما يدور وما يحدث، فما تقدمه الكتب يجعلنا أكثر تقدماً عن تلك الصفوف الخلفية التي سبق وأن تمسكت بنا، وجعلتنا نميل إليها ونبتعد عن الصفوف الأمامية، التي تحمل كل الخير لكل من ينضم إليها، ويبقى السؤال: هل ستجد منا من سينضم إليها هذه المرة؟ إن التساؤل الذي طرحته سلفاً لم يكن من فراغ، ولكنه ما قد كان بسبب المتابعة اليومية لحركة المعرض، ومدى الإقبال عليه، الذي لا يمكن أن نؤكد على حقيقة تقلصه ونُسلم بها، ولكننا وفي المقابل لا نستطيع إغفالها، حيث ان درجة الإقبال لا توازي التحضيرات والتجهيزات والتنظيم وكل ما قد قام على ظهره المعرض، ويحتاج لتفاعل الجمهور وبشكل جاد معه، والحق أننا لن نبخس الجمهور الحاضر حقه، والمشكور على جهوده التي يبذلها؛ ليتحدى كل المعوقات التي يمكن أن تقف من أمامه كي تُبعده عن تلبية حاجته من القراءة، ولكننا نطمح بالمزيد، وخاصة من كل من لا يُجيد الحساب ويحسب أن تواجد المعرض ما هو إلا أحد مظاهر الترف الفكري، الذي لا يُقبل عليه إلا النخبة، في حين أنه (أي معرض الكتاب) ركيزة أساسية يحتاجها أي مجتمع؛ كي ينهض ويعلو شأنه أكثر، فكيف هو الوضع ونحن هنا في قطر التي تترجم معنى التطور وتعكسه بشكل إيجابي عالي الجودة، لابد وأن يبدر من الأفراد؛ ليصبحوا النخبة التي سنفتخر بها، وستساهم بعملية التطوير أكثر وبشتى المجالات، التي يمكن أن نُغذيها من خلال غرس عادة القراءة في الجميع، فلا تكون مرتبطة بزمرة دون غيرها. دعوة مُوجهة لك وحدك كل من يسعى إلى بلوغ القمة، التي ستبرزه وبحق يحتاج لكل ما يمكن أن يُعينه على تسلق الجبل، وتحمل وعورته، وخير ما يمكن أن يساعدنا على تحقيق هذه المهمة هو (الكتاب) الذي يُقدم لنا الحقائق والمعارف وما يكفي لنتشكل بفضله ومن جديد، فإن كنت ممن يرغب بتحقيق كل ذلك، فهي هذه الدعوة التي نوجهها لك؛ كي تلحق بما تبقى من المعرض وتخرج منه بما سيُضيف عليك كل ما تستحقه وستنتج عنه شخصية أخرى ستنضم إليك (فيك)؛ لتشعر معها بأن دائرتك الفكرية قد توسعت أكثر، والحق أنه ما نسعى إليه وما يجدر بأن يكون، بل ونتمنى أن يكون فعلاً، وحتى يكون نسأل الله التوفيق للجميع، وليرحمك الله يا أبي.