13 سبتمبر 2025

تسجيل

باحثون وشركات

10 نوفمبر 2016

ارتدى عباس، الباحث المغمور، معطف المختبر، وبدأ يحلل نسبة السكر في منتج غذائي لشركة عالمية، وبعد ساعات استخرج النسبة، وأضافها لقائمة أخرى من النسب، رتبها في جدول بياني تصاعديا، ثم كتب في دفتر المختبر: غدا إن شاء الله أبدأ دراستي حول تأثير السكر على أمراض القلب!خرج الباحث المغمور من معمله، وركب سيارته متجها للبيت، قبل أن يأتيه اتصال من خارج الحدود، قال له صوت أنثوي ناعم: سيد عباس، نحن نتابع مقالاتك العلمية في المجلات، ونريد دعم أبحاثك العلمية! تعجب عباس، فهو لم ينشر إلى الآن بحثا في أي مجلة علمية محترمة، ربما نشر جانبا من أبحاثه في مجلة ماجد وميكي، إلا أنه قال: من أنتم؟ فأجابته بصوت ناعس، وقالت له بأنها تنتمي لشركة غذائية عالمية، اسمها شركة (التفاح البني)، وكل ما يطلبونه منه أن: يبحث في التأثيرات الإيجابية للسكر على جسم الإنسان، وحياده التام فيما يتعلق بأمراض القلب، وقيمة المنحة 2 مليون دولار!!طبعا وافق الباحث عباس على الشروط، وتم توقيع العقد، وأكد عباس أن السكر صديق للقلب، بل ينصح بتناوله باعتدال، وبنسب أعلى من تلك التي ينصح بها الأطباء، وهذا يعني بشكل غير مباشر، أن منتجات شركة (التفاح البني) آمنة تماما، ويمكنك أن تتناول منها ما تشاء.وفي برنامج تلفزيوني، دار جدل علمي حول الشاي، هل هو مفيد أم مضر، قال الباحث عباس: إن الشاي في عمومه مفيد، خاصة الأخضر، ونصح المشاهدين بتناوله، وهذا ما كان قد أكده سابقا في دراسته التي أعدها بتمويل من شركة (الشاي العجيب) العالمية، ونشرها في مجلة علمية محكمة. بالمقابل قالت الباحثة قمر، بأن القهوة مضرة، وتسبب أمراض القلب، وأكدت ذلك في دراستها التي نشرتها بتمويل شركة (شاي كرك) المحلية، فظل العالم سنوات يتناول الشاي دون حسيب ورقيب. في أطراف العاصمة، بعد غروب الشمس، صعد الباحث الشهير د. جوني درجات سلم مبنى قديم ومتهالك، ووصل إلى المكاتب الإدارية، لإحدى شركات الاتصالات الدولية، المتعددة الجنسيات، ليقابل المدير، الذي قال له مباشرة: د. جوني، لعلك بخير، أعجبتنا أبحاثك حول موجات الميكروويف، وموجات الهاتف الجوال، نريد أن نمول بحثا حول مدى تأثيرها على صحة الإنسان.بلع د. جوني ريقه وقال: كم قيمة المنحة؟! فقال المدير بسرعة: 5 ملايين دولار، وأظن المبلغ كاف جدا، لتقدم لنا بحثا علميا منضبطا، ومحايدا، ويؤكد التأثير الإيجابي لموجات وإشعاعات الهاتف على صحة الإنسان، وابتسم بخبث: ونرجو أن تكون أمينا في بحثك. ضحك د. جوني، وضحك المدير، وخلال أشهر معدودات، كان بحث د. جوني منشورا، في مجلة علمية محكمة، تصدر عن جامعة عالمية مرموقة، يؤكد سلامة موجات الهاتف، وعدم تأثيرها سلبا على صحة الإنسان، ونشرت أكبر وسائل الإعلام، وجميع شبكات التواصل هذا الخبر. وفي عالم موازٍ، حاول الباحث صابر، أن يصل لإحدى الجامعات المرموقة، ليطلب التمويل لدراسته حول التأثير السلبي لموجات الهاتف على صحة الإنسان، لكنه لم يجد ممولا أبدا، والأدهى من ذلك، اختفى الرجل في ظروف غامضة.