17 سبتمبر 2025

تسجيل

السعودية: النمو الاقتصادي يعوض تراجع نفقات الحجاج

10 نوفمبر 2013

يمر الاقتصاد السعودي بظروف إيجابية مميزة على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية تمتد لعدة سنوات وفي ظل مستوى لافت من الإنتاج النفطي. بل تعوض الظروف الاقتصادية المتميزة من ظاهرة انخفاض إنفاق الحجاج في موسم 2013. يتراوح متوسط سعر سلة أوبك في حدود 106 دولارات للبرميل. اللافت بقاء متوسط السعر بنحو 100 دولار للبرميل في آخر خمس سنوات ما يعد سابقة تاريخيا. يبلغ مستوى الإنتاج النفطي للسعودية في حدود 10 ملايين برميل من النفط يوميا في الوقت الحاضر. وتشير إحصاءات تابعة لشركة بريتيش بتروليوم بأن متوسط الإنتاج بلغ 11.5 مليون برميل في اليوم في العام 2012 ما يعني تسجيل نسبة نمو في حدود 3.7 في المائة. وقد حدث ذلك كنوع من قيام السعودية بتعويض الأسواق الدولية لتراجع إنتاج إيران من النفط الخام بسبب المقاطعة الغربية. لكن تراجعت أهمية تعويض الأسواق في ضوء حالة التكيف في الأسواق من جهة وانخفاض شدة العقوبات الغربية المفروضة على إيران بعد تولي حسن روحاني كرسي الرئاسة في إيران. حقيقة القول، تعتبر السعودية إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم وتليها روسيا ومن ثم الولايات المتحدة. لكن تتميز السعودية بأنها أكبر مصدر للنفط الخام بلا منازع. وجاء في تقرير نشر حديثا أن السعودية قامت بتصدير 2.2 مليار برميل في الشهور الـ 10 الأولى من العام 2013 بقيمة 239 مليار دولار. ومؤكدا، سوق يتجاوز الرقم الكلي حاجز 250 مليار دولار مع نهاية العام. حقيقة القول، تتوقع العديد من الدراسات المتخصصة بقدرة الاقتصاد السعودي على تحقيق نتائج لافتة في الظروف الحالية. فقد جاء في تقدير جديد لصندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد السعودي سوف يحقق نموا قدره 3.3 في المائة في العام 2013 على أن يرتفع إلى 4.4 في المائة في 2014. بدورها، ترى مؤسسة أيرنست أند يونغ الرائدة في مجال المحاسبة والحوكمة والخدمات الإدارية أن الناتج المحلي الإجمالي للسعودية سوف ينمو بواقع 4.3 في المائة و4.6 في المائة في العامين 2013 و2014 على التوالي. من جهة أخرى، ليس من الواضح على الأقل الأهمية النسبية لهبوط نفقات الحجاج على مستويات النمو الاقتصادي. أو لنقل فإن تراجع النفقات لا يشكل تهديدا يذكر للاقتصاد السعودي والذي يمر بظروف إيجابية. فقد جاء في تقرير نشر بعد انتهاء موسم الحج للعام 2013 هبوط قيمة النفقات بواقع 31 في المائة إلى قرابة 5 مليارات دولار. حقيقة القول، لم يشكل التراجع مفاجأة للمتابعين بالنظر لقرار السلطات الرسمية بالحد من توافد أعداد الحجاج سواء من الداخل أو الخارج لأسباب لها علاقة بخطط التطوير والتنمية في الحرم المكي. فقد انخفض مستوى حجاج الداخل والخارج بواقع 57 في المائة و21 في المائة على التوالي. من جملة الأمور، يساهم موسم الحج بدخول أموال في العديد من القطاعات الاقتصادية من قبيل السفر والسياحة والإقامة والاتصالات، فضلا عن النفقات الشخصية للزوار على مختلف الأمور بما في ذلك الهدايا، إضافة إلى تقديم الأضاحي. كما يشكل موسم الحج مجالا للمؤسسات السعودية، خصوصا العاملة منها في قطاعات التصنيع، خصوصا الاستهلاكية منها، لعرض سلعها في ظل وجود رغبة عارمة من ضيوف الرحمن لشراء أي شيء ممكن، حيث الطلب يزيد على العرض. أيضا، يوفر موسم الحج فرصا للعمل والمتاجرة. على سبيل المثال، يقوم بعض الشباب السعودي بأعمال بسيطة مثل بيع المواد الغذائية أو المنتجات التي لها علاقة بالحج، مثل كتب الأدعية. كما تذهب بعض الأسر السعودية لخيار تأجير منازلها على مقاولي الحج أو بعض الحجاج مباشرة، الأمر الذي يدر عليها مبلغا واسعا من المال يساهم في تأمين نفقات المنزل. كما يقوم بعض الشباب السعودي، بل حتى بعض الأجانب المقيمين في المملكة، خصوصا من يجيدون عدة لغات، خصوصا الإنجليزية، باستخدام سياراتهم الشخصية لتقديم خدمات التوصيل للحجاج. من نافلة القول، لا يتم رصد كافة الأنشطة المرتبطة بموسم الحج بالنظر لغياب مبدأ فرض الضرائب. نعم توجد ضريبة الزكاة لكن يعتقد بأن بعض المتاجر الخاضعة لهذه الضريبة تقلل من حجم إيراداتها الخاضعة للزكاة. وعليه من الصعوبة بمكان معرفة كل التفاصيل المرتبطة بالمصروفات. ولغرض التأكيد على حسن أداء الاقتصاد السعودي، لا بأس من الإشارة لبعض المؤشرات الدولية. فقد حلت السعودية في المرتبة رقم 20 في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2013 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. وهذا يعني حصول كل من قطر والإمارات فقط من بين كافة الدول العربية على نتائج أفضل من السعودية وتحديدا في المرتبتين 13 و19 على التوالي. ويلاحظ وجود معوق جوهري في ترتيب السعودية وهو ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل. تبلغ نسبة البطالة نحو 25 في المائة فيما يخص الإناث في المملكة أي أكثر من ضعف النسبة الوطنية. وربما تتمكن السعودية من معالجة جانب من هذا التحدي عبر مشروع نطاقات والذي دخل حيز التنفيذ في شهر يوليو. يهدف المشروع إلى تنظيم سوق العمل من خلال جعل المواطن السعودي الخيار المفضل للعمل في القطاع الخاص. ويعود الأمر لحصول نوع من شبه تشبع في التوظيف بدوائر القطاع العام. ويبدو جليا تولي السعودية دور القيادة بين دول مجلس التعاون الخليجي في طرح مشروع متكامل لمعالجة موضوع توظيف المواطنين من خلال مشروع نطاقات. مؤكدا، سوف تدرس دول إقليمية أخرى تجربة نطاقات في حال نجاحها. ختاما، السعودية هي الدولة العربية الوحيدة العضو في مجموعة العشرين والتي تضم كبرى الاقتصادات العالمية، تأكيدا لكون المملكة صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.