12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تشهد أفريقيا ثورة جديدة شاملة ضد الاستعمار ؟

10 سبتمبر 2023

تحليل الأحداث التي تشهدها أفريقيا يحتاج إلى خيال سياسي؛ يمكن أن يرصد العوامل التي تؤدي إلى تغيير الواقع، وتبني عالم جديد. ومشكلة الغرب أنه ظل يتمسك برؤيته الاستعمارية للقارة الأفريقية، ويطور إستراتيجياته لنهب ثروات الشعوب وإفقارها وتجهيلها، لكنه لم يستطع أن يستخدم إمكانياته العلمية المتطورة في قياس الرأي العام. ولو أن صناع القرارات في أوروبا وأمريكا سألوا العلماء في الجامعات لاكتشفوا أن مشاعر الكراهية تتزايد في نفوس الأفارقة الذين أصبحوا يدركون أن الاستعمار الغربي هو الذي شكل مأساتهم وتخلفهم، ومنعهم من استثمار ثرواتهم، وتحقيق التنمية والتقدم. السلام المستحيل والاستقلال الزائف: فرح الأفارقة بالاستقلال الذي حققوه خلال القرن الماضي، وساروا يغنون لبلادهم في مواكب التأييد للسلطات الوطنية التي رفعت شعار الاشتراكية والتنمية، وقدمت الكثير من الوعود لشعوب تشتاق للحرية بعد فترات طويلة من العبودية والقيود الاستعمارية. لكن أفاقت هذه الشعوب بعد عقود على حقيقة واضحة؛ هي أن الاستقلال كان زائفاً، وأن الغرب منعها من فرض إرادتها في انتخابات حرة نزيهة تختار فيها نوابها وحكامها، وأن المستعمر المستكبر لا يريد أن تقوم في أفريقيا تجارب ديمقراطية؛ تشكل أساسا لاستقلال حقيقي. التبعية والاستعمار الجديد: الشعوب الأفريقية أصبحت تدرك أن التبعية للغرب شكلت أساساً لنوع جديد من الاستعمار، وأن حكام هذه الشعوب لم يكونوا مخلصين في قيادة شعوبهم لتحقيق الاستقلال الشامل، وصورت لهم الدول الغربية أنها تستطيع أن تضمن لهم الاستمرار في الحكم مقابل إطلاق يدها في نهب ثروات الشعوب. كما استخدم الغرب النظام الإعلامي العالمي الذي يسيطر عليه في الترويج لخرافة أن الشعوب الأفريقية عاجزة عن استثمار ثرواتها وبناء صناعة متقدمة، وأنها يجب أن تقنع باستخراج تلك الثروات وبيعها بثمن بخس، لكي تقوم دول الغرب بتحويلها إلي منتجات يتم بيعها بأثمان مبالغ فيها. وهكذا ضاع استقلال الدول التي ارتضت التبعية، وغرقت في الديون، وتفرغت نظمها الحاكمة للبطش بالحالمين بالحرية الذين ما زالوا يتطلعون لتحقيق الاستقلال الشامل، وارتبطت التبعية للغرب بانتهاك حقوق الإنسان، وإشعال نيران الحروب الأهلية. ثورة الاتصال تكشف الحقائق!: لكن العالم يتغير بسرعة؛ حيث وفرت ثورة الاتصال وسائل جديدة يمكن أن تكشف للشعوب الأفريقية الكثير من الحقائق؛ عن نهب أمريكا وأوروبا لثرواتها، كما أن هناك قوى جديدة مثل الصين وروسيا تتطلع للحصول على نصيب من ثروات أفريقيا، حيث أدركت تلك الدول أن استثمار 10 % فقط من ثروات أفريقيا يمكن أن يغير الاقتصاد العالمي كله، ويبني نظاما اقتصاديا عالميا جديدا. ولكن لكي تستثمر أفريقيا ثرواتها، وتحقق التنمية والتقدم، وتبني مستقبلها يجب أن تثور شعوبها على قوى الاستعمار القديم والجديد، وأن تحقق الاستقلال الشامل. الثورة هي بداية الحياة والانطلاق والتقدم للشعوب الأفريقية، ولم يعد أمام هذه الشعوب سوى ذلك البديل الذي يمكن أن يحمل لها أملا بالرغم من كل ما يحمله من آلام. الأحداث في أفريقيا؛ تشكل الآن مخاضا عسيرا ومؤلما؛ لثورة شاملة ضد الاستعمار والتبعية والاستبداد والطغيان؛ فالغضب يتجمع في النفوس، وسينفجر قريبا ليتطاير لشرر في كل الاتجاهات. ولو أن دول الغرب تمتلك الحكمة، لسحبت جيوشها، وكفت عن مؤامراتها، وتركت الشعوب تفرض إرادتها، وتقيم نُظمها الديمقراطية التي تحقق لها الحرية والاستقلال.. لكن من الواضح أن الدول الغربية فقدت البصيرة فلم تعد قادرة على رؤية الشرر، وما يمكن أن ينتج عنه من نار تحرق الاستكبار الاستعماري الغربي. السنوات القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت التي لن تسر الغرب، وستسبب له انكسارا شاملا، وستدفع أوروبا وأمريكا ثمنا غاليا لغرورها، فالشعوب ستخرج قريبا تحمل حجارتها لترجم بها كل الذين علوا واستكبروا وطغوا وافقروا الناس، ونهبوا الثروات، ولن تفلح القوة الغاشمة في الوقوف أمام غضب الشعوب وثورتها الشاملة، فترقبوا الكثير من الأحداث القادمة.