28 أكتوبر 2025

تسجيل

مواجهة الإعلام الجديد

10 سبتمبر 2014

التغير الذي أصاب المنطقة منذ انطلاق شرارة الثورة في قرية صغيرة منسية في تونس، لا تزال تردداته تشمل السياسة والمجتمع والثقافة والتعليم، لكن أهمها يكمن في مجال وسائل الاتصال من خلال توظيف الأدوات الصغيرة مثل الهاتف الجوال والكمبيوتر المحمول لتوصيل الأفكار ونشر الأخبار وانتقال المعلومات، التي كان يصعب تداولها بحرية في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، دون أن تمر بين أيدي السلطة ومؤسساتها وشخوصها. لقد أحدثت منابر "الإعلام الجديد" تحولا كبيرا في الوعي وخصوصا عند الأغلبية المهمشة من الفئة الشبابية العربية، التي لم تعد تطالب بتحسين أوضاعها الاقتصادية حصرا، بل أصبحت لها مطالب واضحة تتمثل في المطالبات السياسية غير المألوفة وربما المحرمة في مجتمع لا يزال يحكم بعقلية الدائرة الضيقة ويعتمد على الأنظمة (الأحادية) المرتبطة بالبعد القبلي والعشائري والمذهبي!!الثورة المضادة حققت بعض أهدافها السياسية في الانقلاب على تجارب وليدة حاولت التماهي مع صناديق الاقتراع الانتخابية، وساندت ومولت بعث وإحياء وعودة أنظمة سابقة إلى السلطة وبأموال نفطية! والدور القادم يكمن في حصار واحتواء الخطر الأكبر وهو وسائل "التواصل الاجتماعي".. المواجهة تعددت في اتباع جميع الأساليب المشروعة وغير الشرعية ويبدو أنها باتت تؤتي ثمارها. فالرقابة اللصيقة للنشطاء السياسيين والمدنيين باتت قدرا محتوما، يقابلها اقتحام ساحة الفتوى الدينية وتوظيفها في المعركة السياسية من قبل أفراد ومؤسسات دينية ومذهبية، للحد من استخدام "التويتر" بالتحديد، للتعبير عن الأفكار السياسية والاجتماعية والدينية غير المتوافقة مع توجه السلطة وأجنداتها، فوسائل "التواصل الاجتماعي" غدت ساحة لتبادل الاتهامات وترويج الأكاذيب ونشر الفساد، ومستخدموها في جهنم وبئس المصير!السلطات أقدمت أيضا على شن حملات منظمة استهدفت المغردين من خلال التحويل إلى النيابة وتقديم الشكاوى والدعوات القضائية ضدهم بحجة تهديد الوحدة الوطنية، إضافة إلى السجن والاعتقالات والتوقيف والملاحقة الأمنية بلا تهم معينة أو تهم ملفقة خصوصا للمغردين الشباب.. وصولا إلى القرصنة واخترق أجهزة تابعة للسلطة لحسابات عدد من المغردين، وبث تغريدات تسيء لهم ولتوجهاتهم!! إلى المواجهة الحادة مع مؤسسات وسائل "التواصل الاجتماعي" نفسها، فتقرير شفافية موقع "تويتر" أشار إلى تزايد الضغوط التي يواجهها من قبل الحكومات العربية للحصول على معلومات بتوقيف حسابات معينة واغلبها موجودة في دول الخليج العربي!!.