16 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تكن دمية

10 سبتمبر 2013

حين نسكب كل ما لدينا في مسار نحبه، نشعر بأننا نكسب كل الوقت حتى وإن لم تكن المخرجات ذات قيمة عالية، ولكن وكلما تقلص ذاك الحب شعرنا بتقلص ما نكسبه وكأنه لم يكن يوماً، والمشكلة أن نمو ذاك الشعور في أعماقنا، وتمكنه منا يجعلنا نصبح أكثر حرصاً على كل ما يمكن بأن نتقدم به؛ لنقدمه للآخرين، وهو ما يخلق فجوة تتسع دائرتها أكثر وأكثر مع مرور الوقت، والحق أن تواجد أكثر من قلب يحمل ذاك الشعور ويعيش وسطها تلك الفجوة، سيخلق بيئة متحاملة جداً، يحمل كل فرد فيها ما لا يحبه للآخر، الأمر الذي سيجعلها أي تلك البيئة ذات مزاجية صعبة المراس لا يمكن بأن تتفق؛ لتتوافق فتسير من بعدها الأمور على خير ما يرام أي تماماً كما يمكن بأن يحلم بها أي (إنسان سوي) لا يرغب بشيء سوى تجرع نكهات مختلفة من الحياة، تختلف تماماً عن تلك التي لا تنصب إلا في اتجاه واحد وهو (الأسى)، الذي لا يسمح بتواجد مذاق آخر سواه يمكن بأن يُدرك؛ ليُدرك. أيها الأحبة لقد بدأت مقالي اليوم عن مرحلة مررت بها، وشعرت بكل تفاصيلها بشكل جعلني أدرك تماماً ما يمكن بأن يفعله مثله ذاك الشعور، الذي لم يكن ليغلبني والحمدلله على ذلك؛ لأنه وباختصار شديد جداً كالفقاعة التي وإن أخذت حجماً أكبر من حجمها إلا أنها لن تعيش طويلاً، فلحظاتها معدودة لاشك ستنقضي؛ لذا لا يجدر بنا بأن نفكر بها كثيراً، أو أن تأخذ من وقتنا مساحة أكبر، إذ للوقت حقه علينا، الذي لا يستحق منا التفريط به، حتى وإن تسببت لنا تلك الفقاعة بكثير من الإرباك لاشك سيزول؛ لنمضي من بعد ذلك نحو محطات أخرى من الحياة سندرك ما فيها وسنعيش منها ما سيجعلنا نشعر بالأمان الحقيقي، الذي يحتاجه كل إنسان؛ ليعطي أكثر وليبدع أكثر دون أن يتعرض لمن يعترض طريقه، كتلك الظروف التي ومن الممكن بأن تجتمع عليه؛ لتلعب به وكأنه دمية لا تملك من نفسها ولنفسها سوى حق الحركة المفروضة والمتوقعة، التي لا يمكن بأن تُعد معها الحياة (حياة) فعلية، وهو كل ما سيجعله يفقد قيمة الأشياء ويسلم ويستسلم لكل قليل لا يمكن بأن يقبل به من يسعى للمزيد من التطور والتألق؛ ليصبح من بعدها كل ما لم يرغب به من قبل، ولكنه وصل إليه وأجبر عليه حين بلغ هذه المرحلة التي تحرض على الهدم أكثر منه البناء، وتفرض السلب أكثر منه العطاء؛ لينتهي به الأمر حتى من قبل أن يبدأ، وهو ما سينهش جسد قيمته حتى تُنهش مكانته، وهو لم يكن ليدرك بعد من يكون. وجودنا في الحياة لم يكن يوماً دون قيمة أو لغير سبب، ولكنه ما قد قُدر وكُتب؛ لحكمة لا يدركها سواه السميع العليم، الذي يسمع ما في الصدور، ويعلم ما يدور فيها، ولكنه يترقب الكيفية التي يمكن بأن نواجه بها كل ما نتعرض له، حيث أن التعرف على تلك الكيفية، والوصول إليها سيحدد المسار الذي يمكن بأن نسلكه؛ لنفعل وتتضح معه خطة المستقبل بكل ما فيها من نتائج حتى وإن تجاوزت حدود التوقعات فستظل رائعة بالنسبة لنا. هناك من يربط البداية بظرف زمني لابد وأن يكون؛ كي ينطلق معه فيدرك بدايته، في حين أنها لا تكون كذلك ولكن حين نقرر بأن تكون، ونرغب من الأعماق بأن تفعل؛ كي ننطلق نحو كل ما نريده، ونتجاوز كل ما لا نريده، دون أن نسمح له بأن يعترض طريقنا، وهو ما يجدر بك فعله؛ كي تحقق ما تريده، (نعم) هو ما يجدر بك فعله دون أن تسمح لنفسك بالتوقف عن إفراز مشاعر الحب، التي ستجعلك تسكب كل ما تملكه في المسار الذي تسلكه؛ لتكسب نفسك أولاً وقبل أي شيء، فتشعر بقيمتك التي ستكبر كلما كبر معها عملك، الذي يستند إلى هدفك، وهو هذا الأخير الذي لا يدركه سواك ولن يدركه سواك أيضاً؛ لأنه لا يستحق بأن يدركه أي أحد سواك، وحتى تدرك ما تريده وتُجيده نسأل الله التوفيق لنا جميعاً، وليرحمك الله يا أبي.