28 أكتوبر 2025
تسجيلالأولاد هبة من الله تعالى، وسائر أرزاق العباد ومقاديرهم بيده سبحانه، وإليه سبحانه يرجع الأمر كله: يعطي ويمنع، يخفض ويرفع، لا راد لفضله، ولا معقب لحكمه سبحانه: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (الشورى49-50)، قال أبو المخشن الأعرابيّ: "كانت لي بنت تجلس معي على المائدة فلا تقع عينها على لقمة نفيسة إلا خصّتني بها، فكبرت وزوجتها وصِرت أجلس إلى المائدة مع ابن لي، فوالله لن تسبق عيني إلى لقمة طيبة إلا سبقت يده إليها"، البعض منا لا يكون فرحاً حين تكون باكورته بنتاً، وهو لا يدري أن هذه النعمة التي منحها الله إياه حين تكبر ستكون له وللبيت شمعة قائدة لا تطفأ أبداً وسيطرح الله البركة في بيته، فالبنات خلق الله في قلوبهن رحمة لا تجد مثلها في الأبناء من الذكور. ولـمـاذا الـبنـات محـبوبات؟ كان الإمام أحمد بن حنبل إذا بلغه أنّ أحد أصحابه رُزِق ببنت قال: أخبروه أن الأنبياءَ آباءُ بنات. لا يزال الرجل عقيماً من الذرارِي، حتى يُوهب البنات، وإن كان له مائة من الأبناءِ، إن البناتَ ذخائر من رحمة، وكنوزُ حبٍّ صادقٍ، ووَفاء. إنّ الـبيوت إذا الـبنات نزلنَ بها مثل السماء إذا تزينت بنجومها هُنّ الحياة إذا الشرور تلاطمت وإلى الفؤاد تسللت بنجومها دخل عمرو بن العاص على معاوية وبين يديه ابنته عائشة.. فقال: من هذه ؟ فقال: هذه تفاحة القلب، فو الله ما مرَّض المرضى، ولا ندب الموتى، ولا أعان على الأحزان مثلهن". أجمل ما قيل في حب الأب لابنته من أجمل ما قيل في حبهن كلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ابنته فاطمة حينما قال: "إنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها" صحيح مسلم (4/ 1902). ولو كانت بين إخوة يوسف أخوات بنات لدافعنَ عنه.. ووضعنه في أعماق "القلب".. لا في أعماق "الجُبّ".. لكنها حكمة الله.. لو أن بين إخوة يوسف أخت واحدة.. لـقصَّت أثره كما فعلت أخت موسى لـتعيده لحضن أمه.. فالأخوات والبنات.. لا يعرفن أبداً طريق "الجُب" يعرفن فقط طريق "الحب". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَكْرَهُوا الْبَنَاتِ فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَاليات).. رواه الطبراني وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة. فضل تربية البنات قــال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَواتٍ أو ابنتانِ أو أُختانِ فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ دخل الجنة" صحيح ابن حبان 446، وقد جاء في فضل البنات والقيام عليهن وتربيتهن أحاديث صحيحة، منها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ) رواه مسلم. لماذا يرفض الأهل المولودة الجديدة رفض المولودة من الإناث عند البعض ينقسم إلى قسمين، يتعلق الأول بتأثير الرفض على الطفلة أثناء فترة الحمل، والثاني يتعلق بالتأثيرات المباشرة على الطفلة بعد الولادة، يقول علماء النفس قد يتخيل الأهل الجنين بالطريقة التي يحبون أن يكون عليها، ويشعرون بالصدمة إذا أرادوا صبياً واكتشفوا أن الجنين فتاة، لا يدركون أن الجنين يكون علاقة بأهله، وتحديداً بوالدته وهو لا يزال في رحمها، الجنين يشعر بكل شيء يدور في فكر الوالدة، وإذا كانت الأم عصبية أثناء الحمل سينتقل هذا التوتر إليه، وعندما ترفض الوالدة ابنتها، تشعر البنت بأنّها غير مرتاحة وغير مقبولة، وسيبقى هذا الشعور في داخلها حتى لحظة الولادة وما بعدها، وينعكس عليها شعوراً بعدم الأمان، وقد تكون عرضة أكثر للإصابة بالأمراض الجسدية، وقد حدثت مثل هذه الأحداث كثيراً لدى العديد من العوائل. كسرة أخيرة (البنات همها للممات) جملة ما زلنا نسمعها، رغم أن الكثيرين يدّعون أنهم لا يفرّقون بين الصبيان والبنات، إلا أن نسبة كبيرة من الأزواج الشباب يفضلون أن يُرزقوا صبياً أولاً. لا نفاجأ، ونحن في القرن الحادي والعشرين، بأمهات وآباء يشعرون بصدمة وبحزن، عندما يكتشفون أن المولود الذي ينتظرونه هو فتاة، قد ترفض الأم الجنين، ولا تدرك أن سلوكها له تأثيرات نفسية وربما جسدية على الابنة التي لم تر النور بعد، ويجب ان تكون هناك توعية وفكر لدى الزوجين بأن البنين نعمة من الله يجب الشكر عليها، (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا). الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية