13 سبتمبر 2025

تسجيل

مقطع عن الريف

10 أغسطس 2015

صيحات الديكة، إيذان بانقضاء غشاوة الليل. فقه الريف: التفاف حول أي بداوة كانت، أي بساطة كانت. تلتقط الأشياء كساءاتها من اللون، والشجر، من الحليب، من الدهشة، وجرعات الدواء المكثفة لنسيم يصحو، ويلفح. الغاديات، الرائحات، واردو أسواق الوهن، المزارعون الخلص، والرعاة الخشنون ، يتشققون وينسون، وينسون ويتشققون، وتذّكر الأرض. التجارعناوين بارزة لتجارة الهمس، أغنياء بذاكرة الدفاتر، فقراء من هاجس الكنوز، من الصادر والوارد، والورق البنكي إلا ما ندر. السحالي، الزنازن، العناكب اللاسعة، ثعالب البر وذئابه، جرذان البيوت الهوجاء، ولصوص المحاصيل شرهون للشبع المسروق، ينهشون الحصاد، يقبضون رواتبهم ، قطنا، ودخنا وقمحا، وشعيرا وبقايا ضريس. تشب طيور القطا من خلف سحب ترطن بالمطر حينا، وبأكذوبة المطر أحيانا، يتعرف الخدر على أهله بسهولة، يتسلقهم . والأرق على أهله بسهولة، يتسلقهم، يندس غبار المواسم، تحت وسادات نوم الطقس، يدهنها بأصفره، وأحمره.، وأسوده، ورماديِّه الكثيف. يهاجر المهاجرون إلى المدن ليكسبوا صفة الشوق، يغازلون الحسناوات، ينهزمون، يعود المهاجرون من المدن ليسكبوا عطر الوجد، على الطرق الفقيرة ، ليرقدوا تلك الرقدة السمينة، تحت ظل الضحى، أي خبز ، وأي كسرة ، وأي نعاس رزين . من جرح الريف تقتات مدن، وعواصم، واشتهاءات، إلى جرح الريف تنفذ بكتيريا العلب، والسجائر المهربة، والتخمة، و السالمونيلا ، وألعاب الحظ، واليانصيب، وهبوط الأغنيات، يتسلل الحواة مكلفين بالغش، والشعراء خلف قوام أصلي رشيق، وموظفو الخدمة المدنية كارهين حتى لغرائزهم، وعرق أجسادهم. خلف جرح الريف يرقد نهر من التراث، والعادات، والتناحر، ونصرة الأخ ظالما أو مظلوما، فوق جرح الريف تلقي السلطات لحافا أصم، ولهفة كذابة، وشخيرا قاسي القلب. من بين ثنايا الكرى الملتف في أي قيلولة، ينبت الحسد، وتنضج الغيرة، تغلي مراجل من ثرثرة ، وتقوى، وعراك، وبكاء لميت، واشتياق لحي، وتعتاد سنانير الصيد على صيدها مهما وهن: أي يمام، و بشرون، وأي طائر قيلدون ثمل. تفتح أقاويل البيئة مزاليجها الهشة لتبث الوقائع، يكتب الآباء رسائل منغمة بأحبار الدواة وريش القصب والطير، لتمضي إلى أي خط عبر خطوط الوطن العريضة، العاصمة، خط الغرب، خط الشمال، خط الموت الجنوبي، الأمهات يكملن الرضاعة حولين ناعمين مشبعين، الشمس تلفح لكنها لا تميت، والقمر مولد كهرباء الغشامة، يحفرها في العتمة بإصرار إلى أن يموت. آبار الأرتواز، المحفورة بالسواعد الخشنة، قيء المطر ومساحة الري النحيلة، والخيران، ورق على الشجر المرتوي، تحت الشجر المهدم، ظل بلا مظلات، وصدقة بلا متصدق، السواعد عرجاء ومستقيمة، ومبتورة، وطرية العود، الأرجل حافية، وكاسية كالحافية، الطلاسم عصية على الفهم، وسهلة في نفس الوقت، البلدة بنت الريف لا محالة، من أم خضراء، في بيت أخضر، بجلباب أخضر، من أسرة هي أسرة الخضار أبا عن جد.