10 سبتمبر 2025

تسجيل

شوربة المسامير!!!!

10 يوليو 2024

يحكى أنه كان هناك رجل فقير يجوب الشوارع في البرد الشديد بحثاً عن لقيمات يقمن صلبه.. ولكنه لم يجد، جلس الرجل على باب من الأبواب واستغرق في النوم، وفي الصباح فتحت الباب امرأةٌ عجوز فوجدته ملقى أمام بابها يكاد الموت يفترسه، فسألته: ما بك؟، أخبرها أنه جائع ويعاني من البرد الشديد، استضافته المرأة وأعطته غطاء لينال بعض الدفء ومنحته كوبًا من الماء، كانت المرأة بخيلة ولا تعطي أحدًا شيئًا من الطعام ، ولكن الرجل كان شديد الجوع وفطن إلى أنها بخيلة ولكنها استضافته فهي إذن تملك شيئًا من الرحمة في قلبها !، قال لها وهو ينظر إلى مسمار كان في جيبه : لو كان عندي موقد وإناء لصنعتُ لك أجمل «شوربة مسامير»، تعجبت المرأة وقالت: شوربة مسامير! ماذا تقول أيها الرجل؟! أقنعها بأنه يستطيع أن يصنع شوربة رائعة من هذا المسمار فمنحته الإناء وأشارت إلى الموقد والماء، وضع الرجل الماء والمسمار في الإناء وأشعل النار، ثم انتظر قليلاً، وقال: ستكون الشوربة رائعة إذا وضعنا فيها قليلاً من الملح والبهار، أعطته المرأة الملح والبهار فابتسم الرجل وقال: أنتِ امرأة طيبة وكريمة وظل يُثني على كرمها، ثم قال: إن بصلة واحدة وحبة واحدة من الجزر كفيلة بأن تجعل الشوربة ذات مذاق طيب. كلمات الثناء تصنع مبدعين فرحت المرأة لثناء الرجل عليها وخاصة أنّ كل من حولها يصفها بالبخيلة وأعطته البصل والجزر وأشياء أخرى دون أن يطلب، انتشل الرجل المسمار دون أن تلحظ السيدة ووضعه في جيبه ثم وضع الشوربة في الإناء وطلب من السيدة العجوز أن تأكل معه، أكلت السيدة العجوز مع الرجل الفقير، ثم جاءت ببعض العصائر وبعض الطعام من الثلاجة، وأخيراً شكرته وقالت: لم أكن أعرف أنّ مسمارًا يفعل كل ذلك!، ابتسم الرجل وقال: شكرًا لك أنت فلولا كرمك ما صنع المسمار شيئًا، وقال في نفسه: ليس المسمار من فعل شيئًا ولكنها الكلمات الطيبة. كيف تجعل من طفلك مبدعاً قد ننظر إلى بعض أطفالنا على أنه فات الأوان لإصلاحهم، وأنهم مصدر ألم وتعب لنا فنظل نَصفُهم بأسوأ الصفات ولا نلتفت إلى الصفات الطيبة فيهم فنثني عليهم، فيمكن لكل أم وأب أن يصنعوا من المسامير أروع شوربة وأن يجعلوا أطفالهم قادة ومبدعين ولكن بكلمات طيبة.. ودعم نفسي قوي، الأسرة هي المحيط الاجتماعي الأول الذي يربى فيه الطفل، ويتزود من خلالها بالخبرات والمعارف ، وبما أن الابداع يظهر خلال مرحلة مبكرة من الطفولة وبصورة غير ناضجة فان الاسرة هي المسؤولة الأولى عن تنميته او طمسه ففي حقيقة الأمر الموهبة لا تدفن فهي ليست قابلة للدفن ولكننا نستطيع قمعها واخفاءها اذا كان الطفل يعيش في بيئة لا تعمل على تشجيعه وتنمية ما يمتلك من مواهب وقدرات إبداعية. العلاقة الجيدة بين الطفل ووالديه العلاقة القائمة على الاحترام والحب والالفة والمودة والعطف هي من اكبر المؤثرات على نمو الطفل وتنمية قدراته الإبداعية، لأن الابداع هو عبارة عن خيال علمي يتطور بتطوير الأفكار من مرحلة الى أخرى والطفل الذي يتمتع بصفات الابداع غالبا ما تكون لديه عادات مميزة مثل حب الاستطلاع والرغبة في استكشاف كل ما يقع تحت يديه والتعرف اليه وفحصه بتمعن وطرح الأسئلة المتنوعة ومحاولة ربط الإجابات ليتوصل من خلالها الى نتيجة خاصة به، فهو طفل يقوم باستخدام حواسه كلها في اكتشاف العالم من حوله، وعلى الأسرة الاهتمام بتنمية الابداع عند الأطفال وتدريبه على طريقة قائمة على التسامح والعطف ودفع الطفل وحثه على التحرك بحرية بين الواقع والخيال ولا تضيق عليه وتصفه بأوصاف محبطة تجعل الطفل يتوقف عن تنقله الى مرحلة مقبلة قد تكون سببا في جعله مبدعاً. كسرة أخيرة العطلة الصيفية هي فرصة لتهيئة الجو الأسري المناسب للإبداع، فالطفل المبدع يحتاج الى بيئة تتميز بمستوى منخفض من القلق والتوتر، ويسود فيها الحب والمودة ، جو بعيد عن المشاحنات الأسرية والضغوط التي تحدث اثناء العام بسبب متطلبات المدارس وتنظيم أوقات الدروس والمذاكرة، لذلك فرصة العطلة هي انسب الأوقات لتنمية القدرات الإبداعية لأطفالنا، والابتعاد بقدر الإمكان عن قتل الابداع عن الأطفال بغير قصد بان تصفه ببعض الألفاظ السلبية مثل (انت طفل غبي) او (أنت لست جيدا مثل فلان من الناس) أو (أنت فاشل)، ويجب على العكس تماما حث أطفالنا على التعرف والاكتشاف وعدم الاستهزاء بأفكاره مهما كانت بسيطة وتشجيعه على التعبير عن أفكاره بحرية تامة ومساعدته بالاشتراك في الأنشطة المجتمعية مثل الرحلات العلمية وقراءة الكتب والمجلات الهادفة وتوفير الجو الملائم لحرية التعبير فالصحة العقلية السليمة هي سر الإبداع.