11 سبتمبر 2025
تسجيلقال تعالى: " إن الإنسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا" آية كريمة تتجلى فيها حكمة الله في خلقه بوصفه لهم بمنتهى الدقة والاختصار. بدأت بها استهلالاً لشرح ما يدور في ذهني، لماذا عندما لا يعجبنا شيء لا نتوانا عن مهاجمته وانتقاصه؟! لماذا عندما لا نتفق مع أحدهم نضعه في خانة خاصة محكوم عليها بالنفي؟! لماذا عندما يظهر أي شيء جديد نرى سلبياته قبل ايجابياته؟! لماذا دائماً ننظر إلى النصف الفارغ من الكوب؟ لماذا أحياناً نشيع أفكارنا النقدية لمن حولنا وكأنها دساتير لا تقبل التغيير؟! أسئلة كثيرة فكرت بها وأنا أرقب ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي، وما يخرج من الأفواه التي لا تسكت أبداً، ولا تستطيع أن تذكر شيئا دون أن ترى عيوبه أولاً. ذات نهار كنت أجلس مع صديقة من دولة خليجية، قالت لي: استغرب من القطريين انتقاداتهم المستمرة لبلدهم؟! عندما يُفتح مشروع جديد كمول أو غيره يبدأون برصد سلبياته، برغم أنه مشروع ناجح وطموح يحتاج إلى الدعم والآراء الايجابية، ويصرّون على مقارنته بالدول الأخرى.! ويحيلونه في ليلة وضحاها إلى شيء بشع.! من هنا تساءلت عن مفهوم النقد من واقعه العام وكيف نستطيع تقييم الأمور من حولنا بعدالة ومنطق بحيث نرى الجيد من الرديء على صورته الواقعية وليست الافتراضية، طبعاً المسألة محكومة بالعديد من الأمور وأهمها ثقافة المجتمع، والأسرة، وكيف أنها المؤثر الأول في رسم الخريطة الفكرية والمعرفية للإنسان، وهي من تجعله متقبلاً أو منقلباً على حياته وما يحيط بها، أيضاً النظرة السائدة بأن الخطأ يجب أن لا يقع برغم الإدراك التام بأن الخطأ أحد السمات البشرية التي لا يمكن أن تصل إلى الكمال. الحكم دائماً على الأشياء والأمور غالباً ما تتأثر بالدوافع الخاصة الكامنة في دواخلنا، فمهما كان الشيء حسناً أو مقبولاً لا يمكن أن نراه إلا من زاويتنا نحن المشحونة بميولنا الشخصية، الكثير لا يستطيع الفصل في نقده بين ما يراه هو وما يراه الآخرون، والكثير لا يستطيع أيضاً القبول بعكس ما يريده أو يراه. أؤمن دائماً أن مستوى النظر مختلف من إنسان لاخر كما هو مستوى الذوق والفهم والفكر، وأن لكل إنسان الحق في رؤية الحياة بطريقته، ولكن هذا لا يعني أن يكون صالحاً للتعميم، علينا أن نحاول نتجاوز النظرة الشخصية إلى الأبعد، وهذا لن يكون دون وعينا التام بكل ما في الصورة. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. انتقد لكن لا تحطم، فكل الأشياء الجميلة تبدأ بمبادرة صغير، ومحاولة أولى للجديد.