11 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تجعلوا الأشرار مشاهير!

10 مايو 2022

القصة الأولى تتحدث عن سيمون ليفيف وهو محتال اسرائيلي قضى أيامه مدعياً بأنه رجل أعمال كي يخدع النساء ويأخذ أموالهن والقروض التي يحصلن عليها من أجل إعطائها له دون أن يرد لهن شيكلاً واحداً! القصة الثانية عن آنا ديلفي وهي وريثة أموال أبيها في ألمانيا أو هذا ما جعلت كبار مستثمري نيويورك يظنونه كي يضخوا أموالهم في جيبها لتعيش حياة الأثرياء المترفة. القصة الثالثة هي عن جو اكزوتيك. جو اكزوتيك هو بالضبط كما يدعي. رجل أرعن أحمق مزعج، سيحارب كل من سيقف في وجهه وفي وجه أحلامه.. الناس.. الحكومة.. و حتى الحيوانات! قد يبدو أبطال هذه القصص الثلاثة بلا قواسم مشتركة لمن لا يعرفهم، ولكن من سمع عنهم، سيعرف بأن بينهم الكثير من القواسم المشتركة. فجميعهم سيئون ومحتالون وكاذبون وأضروا الكثير من الناس حولهم، ولكن القاسم الكبير المشترك بينهم، بأنهم جميعهم مشهورون! جميعهم أُعدت برامج ومسلسلات حولهم وأصبحوا معروفين للناس. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استفادوا من شهرتهم هذه التي أعطاها الناس لهم. سيمون ليفيف أصبح يواعد عارضة أزياء وكل مدير أعمال ليبحث له عن فرص تمثيل في هوليوود.. آنا ديلفي دفعت لها نتفلكس ما يزيد على ٣٠٠ ألف دولار لقاء الحصول على حقوق قصتها.. جو اكزوتيك يتلقى الهدايا وزيارات المعجبين في سجنه بل إن بعض المعجبين يحاول إطلاق سراحه اليوم! من السهل جداً لوم نتفلكس وشركات الإنتاج على جعل هؤلاء مشاهير.. ولكنها شركات في النهاية، جُل هم أصحابها هو المردود المالي، ولكن ما عذر الجماهير والمعجبين الذين يركضون وراء هؤلاء ويجعلونهم أكثر شهرة و غنى؟! قبل عدة أعوام انتشرت عبارة "لا تجعلوا الأغبياء مشاهير" على أنحاء مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت تلك إشارة إلى بعض من اشتهروا بسبب مقاطع فيديو غبية أو أمور غبية تلفظوا بها وانتشرت، فأصبحوا شهيرين بسببها لا لسبب آخر مقنع مثل القيام بعمل عظيم أو التفرد بمهارة مميزة. واليوم انتقلنا من جعل الأغبياء مشاهير، إلى جعل الناس السيئة، مشاهير وأغنياء! هذا الجو العام الذي نعيشه، والذي فيه يتم مكافأة الأشرار بالشهرة والمال، سيكون له تأثير كبير على الأجيال القادمة التي ستظن بأنه من المسموح لها أن تكذب وتحتال وتسرق من أجل المال والشهرة، وأنه لن يطالها العقاب بل ستُكافئ كما تمت مكافأة من أتى قبلها-أو على أكثر تقدير-ضربها على الرسغ كتحذير قبل أن تستلم جوائز الشهرة والمال! يجب أن نعرف وأن نُعلم غيرنا بأن هذه القصص هي قصص تحذيرية لا قصص خيالية في نهايتها يفوز الأمير بيد الأميرة! وأننا نحن من يغذي شهرة هؤلاء الأشرار الذين يملؤون شاشتنا، ونحن من نستطيع أن نسحب البساط من تحتهم!