26 أكتوبر 2025
تسجيلمنذ أن قررت خوض عالم الكتابة الصحفية وأنا مفتونة بربط كل ما أكتبه بـ (الهرم المعتدل) الذي تتدرج فيه الأفكار من الأعلى إلى الأسفل حيث القاعدة التي يستند إليها الهدف المُراد، ولعله ذاك الذي كنت وسأظل أميل إليه بسبب الخاصية التي يتمتع بها، ألا وهي أن متابعة ذاك التدرج لا تفرض على المتلقي ضرورة الدخول إلى صلب الموضوع خاوياً وبصفحة بيضاء لا شيء عليها، ولكن محملاً بما يُعين على معرفة ما أريده ككاتبة، والحق أن في الأمر تهيئة تُوضح له ملامح الصورة النهائية التي سيحصل عليها؛ ليُعلقها فيما بعد على جدار خبراته وتجاربه الحياتية وسط كل ما سبق له وأن حصده، وبما أني قد وضحت هذا الأمر، فالعذر منكم إن بدت كلماتي اللاحقة تعيسة وإلى حد (ما)، الهدف من التطرق إليها هو وصف ما يعاني منه بعض الأفراد، ونرغب بالتخفيف عنهم من خلال كلمات نأمل بأن يكون منها ما سيربت على أكتافهم؛ كي تتبدد أحزانهم أياً كان حجمها، وتنزاح الأسباب التي أدت إلى كل تلك الدراما التراجيدية من المقام الأول، وهي: حين تتراكم الأوجاع التي تبثها الضغوطات يتورم القلب، ويتذوق العذاب الذي يتلقاه بجرعات متتالية دون توقف حتى يتفاقم الوضع ويصل إلى نهاية مسدودة تجبر صاحبه على التخلص من كل شيء بتفجير ما بالأعماق من خلال لحظات يُفضفض فيها؛ كي يُنفض قلبه، فإن فرغ من تلك المهمة عاد إلى وعيه واستعاد كل ما قد فقده؛ ليبدأ ومن بعد بممارسة حياته كالسابق، أي بإقبال أكثر، وعادة ما تنجح هذه العملية، وما يعنيه ذلك أن كل من يعاني من الضغوطات التي تلاحقه وعلى الدوام بحاجة إلى التخلص منها عن طريق التفريغ الذي يتم بالفضفضة القائمة بتواجده مع من ينصت إليه، ويمتص أحزانه حتى يفرغ منها، فيكون بذلك كمن كُتبت له الحياة من جديد، ولاشك أن من يُشارك في إنجاح تلك العملية سيحظى بمكانة عالية بين النفوس، ستجذب من حوله كل من يبحث عن مساحة يُفضفض فيها ومن خلالها؛ كي يتخلص مما يعاني منه، ولكن هل يعني ذلك أن من لا يتمكن من إيجاد هذه المساحة ومن يقف له فيها؛ كي يُدير الأمور ويُعالج الجروح سيظل كما هو؟ أي بقلب مهموم قد تورم بسبب الهموم؟ بالطبع لا ولن يكون ذلك، والسبب أن من يعاني لن يصل بمعاناته إلى تلك المرحلة المتأخرة إلا إن سمح لنفسه بذلك، بمعنى أن امتداد رقعة الأحزان والأوجاع مسؤوليته أيضاً، ولا حق له بالتنصل منها دون أن يتحمل ما عليه منها، بل بالتفكير بما يمكنه به تحسين وضعه، ونستطيع مساعدته عليه من خلال تقديم النصائح التالية: 1-طهر قلبك من كل ما يُهدد أمنه وأمانه، وهو ما تدرك خطره أكثر من غيرك، ويجدر بك وبمجرد أن تشعر بدخوله كضيف ثقيل سيؤثر عليك سلباً بأن تقطع عليه الطريق، وتمنع تلك الزيارة فلا تكون أبداً؛ لأنك وإن فعلت فستُجنب نفسك الكثير مما ستكون دونه بألف خير.2-صاحب أصحاب (القلوب الرحيمة) التي يفوح منها عبير الإيمان، ممن يؤمنون بالله ويعملون بكل ما أمر به وجاء به رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم).3-لا تُكدس أحزانك وأوجاعك حتى تتراكم، ولكن تعامل مع كل موقف في حينه، حتى لا يتفاقم الوضع وتجد نفسك في الأسفل وكل ما تعاني منه على رأسك؛ معلناً تحكمه التام فيك.4-إن تعرضت لموقف أثار غضبك نَفِس عن غضبك، وعبر عنه بما يليق بك؛ كي تأخذ حقك دون أن تتجبر على الآخرين وتظلمهم فتتحول إلى ظالم بعد أن كنت أنت المظلوم، الذي يبحث عن حقه.5-تمسك بإيمانك، والتزم بصلاتك، وتذكر بأن الله معك طالما أنك مع الحق وتبحث عنه دائماً.وأخيراً بين الحين والآخر تصلني الكثير من الرسائل، التي يعاني أصحابها من الضغوطات التي تصل بهم لمراحل بعيدة جداً، وكل ما يُطلب مني حينها هو تخصيص (كلمة) الهدف منها هو التخفيف عنهم؛ كي ينهضوا بحياتهم وترجع الأوضاع إلى صوابها بعد أن تكون قد انحرفت عن المسار الصحيح، وبصراحة فإني وبمجرد أن أتلقى مثل تلك الرسائل أشعر بالانتعاش؛ لأن الكتابة وإن لم تكن؛ لتحسين الأوضاع إلى الأفضل، فلن تكون ذات قيمة تُحفزني على الكتابة أكثر، وتُسعدني؛ كي أعطي أكثر وأكثر، وعليه أشعر بأن في الأمر علاقة عكسية؛ لأن كل ما أتقدم به أحصل عليه وفي المقابل بشكل يمكن بأن أقول عنه أنه More than enough والحمدلله.