19 أكتوبر 2025
تسجيليحق للمسؤولين في قطر الافتخار بالأداء الحالي والتوقعات المستقبلية للاقتصاد الوطني.. حديثا فقط، قدم صندوق النقد الدولي شهادة مدعومة بتفاصيل حيوية حول أداء للاقتصاد القطري. يعتقد صندوق النقد بأن الناتج المحلي الإجمالي القطري حقق نموا قدره 6.5 في المائة في العام 2013 أي الأعلى بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.. كما يتوقع الصندوق بتسجيل نسبة نمو أعلى أو 7 في المائة في 2015 على خلفية تطورات إيجابية خارج القطاع النفطي. كل الإحصاءات المشار إليها فعلية أي معدلة لعامل التضخم.. لا شك، أنه لأمر جميل غياب معضلة التضخم في البلاد حيث يتوقع أن تبقى ما بين 3 و4 في المائة في العامين 2014 و2015 وبالتالي في نطاق السيطرة، مؤكدا، أنه تعتبر إحصاءات التضخم هذه محدودة بالنسبة لاقتصاد يمر بنسب نمو مميزة على الصعيد العالمي.. ويعود الأمر بشكل رئيسي إلى ظاهرة غياب الضغوط التضخمية فيما يخص المنتجات الزراعية المستوردة من الخارج.بالعودة للوراء، كما هو الحال مع بقية اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، جرب الاقتصاد القطري ظاهرة التضخم المستورد ما بين 2007 و2008 في ظل الارتفاع التاريخي لأسعار النفط في تلك الفترة من جهة وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي من جهة أخرى. ارتبط انخفاض قيمة الدولار بتوجه السلطات الأمريكية نحو تعزيز الصادرات على حساب الواردات لغرض معالجة الخلل في الميزان التجاري، أيضا، قامت بعض الدول المستوردة للنفط في ظل أسعار مرتفعة برفع أسعار منتجاتها المصدرة بغية التعويض.. وفي نهاية المطاف، تسببت هذه الأمور في إبراز ما عرف بالتضخم المستورد نظرا للعوامل الخارجية.عودة لموضوع النفقات في الاقتصاد المحلي، يعد أمرا لافتا تحقيق إنجازات في قطاعات التشييد والخدمات المالية والضيافة ومجالات أخرى بالنظر للنفقات المالية في مختلف القطاعات غير النفطية. تكفي الإشارة إلى تخصيص 60 مليار دولار كنفقات للسنة المالية 15/2014 بزيادة قدرها 3.7 في المائة عن الأرقام المعتمدة للسنة المالية التي سبقتها، يندرج هذا المبلغ في إطار المشاريع المزمع تنفيذها في غضون 5 سنوات بقيمة 182 مليار دولار. يعكس هذا الرقم الضخم التطلعات المستقبلية للاقتصاد القطري في إطار الاستعداد لاستضافة كأس العالم في 2022.لا تتضمن الأرقام هذه الاستثمارات المتعلقة بالقطاع النفطي أي النفط والغاز، وفي كل الأحوال، يتمثل التوجه الحالي بالحد من الاستثمار في هذا القطاع الحيوي لغرض الاستفادة القصوى من القدرات المتوافرة في صناعة الغاز على سبيل المثال. يشار إلى أن قطر تتربع على عرش المصدرين للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم من خلال التصدير إلى مختلف القارات.من جهة أخرى، لا يمكن التغاضي عن دعوة صندوق النقد الدولي بتبني متوسط أسعار أكثر واقعية لبرميل النقط عن إعداد الموازنات العامة.. وكانت السلطات قد أعدت موازنة 15/2014 بمتوسط سعر قدره 65 دولارا للبرميل.. وتبين بأن هذه هي المرة الثالثة على التوالي والتي يتم من خلالها افتراض هذا الرقم والذي هو في حدود ثلثي السعر الفعلي السائد في الأسواق، الأسعار السائدة في أسواق النفط العالمية عبارة عن 100 دولار للبرميل. وهذا يعني تبني قطر أرقاما محافظة لأسعار النفط كخيار إستراتيجي.. يرى الصندوق وهو محق في ذلك أن من شأن رصد أرقام واقعية للإيرادات تعزيز مصداقية الأرقام الواردة في الموازنة العامة.يعد القطاع النفطي المصدر الأول لإيرادات الخزانة العامة فضلا عن الصادرات وعليه يشكل حجر الزاوية بالنسبة لديمومة الاقتصاد القطري. وخير دليل على صواب كلام صندوق النقد الفائض الذي تحقق في السنة المالية 14/2013 والذي يقدر نحو 25 مليار دولار حسب أحد التقارير الصحفية وربما أقل من ذلك استنادا لتقارير أخرى.. وفي كل الأحوال، يقدر حجم الفائق بعدة مليارات من الدولارات. الأداء النوعي للاقتصاد القطري ينعكس بالضرورة على رفاهية الفرد، وفي هذا الصدد، يعد حصول قطر على أعلى معدل دخل للفرد الواحد على مستوى العالم دليلا ماديا على قدرة الاقتصاد القطري بتحقيق إنجازات. وكان البنك الدولي قد أشار في دراسة مقارنة للاقتصاديات العالمية بأن نصيب الفرد استنادا تحديدا 146521 دولارا في السنة الواحدة لمبدأ القوة الشرائية وذلك حسب أرقام العام 2011.وفي السياق نفسه، بينت الدارسة إلى تحقيق بعض دول مجلس التعاون الخليجي نتائج مهمة لكن أقل بكثير عند المقارنة مع قطر. مثلا، يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 84 ألف دولار في الكويت فضلا عن 61 ألف دولار في الإمارات وهي أرقام بعيدة نسبيا عند المقارنة مع قطر.وامتدادا للنتائج الطيبة، لكن في مجالات أخرى، نالت قطر المرتبة رقم 23 دوليا أي الأولى عربيا على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية في إطار التقرير العالمي لتقنية المعلومات للعام 2014، يتم تصنيف الدول على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية بالنظر لأدائها على 10 مبادئ جوهرية موزعة على 4 مؤشرات فرعية وهي: 1) بيئة العمل من حيث القوانين والحوافز التجارية.. 2) جهوزية ثلاث مجموعات رئيسية وهي الأفراد والشركات والحكومات لاستخدام تقنية المعلومات والاتصالات والاستفادة منها.. 3) مدى جهوزية البنية التحتية والمحتوى الرقمي فضلا عن قدرة تحمل تكاليف الاستخدام وتوفير المهارات المطلوبة.. 4) تأثير التقنية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.يكمن التحدي بالنسبة لقطر في الوقت الحاضر بالحفاظ على النتائج المتميزة المتحققة بالنسبة لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق فوائض في الموازنات العامة، فضلا عن البقاء ضمن أفضل الدول في العديد من المؤشرات الدولية الحيوية مثل التنمية البشرية والتنافسية ومدى انتشار تقنية المعلومات بين المواطنين والمقيمين على حد سواء.. وبالتالي تعميم الخير.