11 سبتمبر 2025

تسجيل

بأية حال عدت يا عيد

10 أبريل 2024

مقولة قيلت في صدر قصيدة أنشدها الشاعر المتنبي وأكملها في الصدر الثاني ؛ ( بما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ)، ونحن نعيش في هذه الأيام العصيبة من حروب وكوارث وتوجسات وأمنيات بعد أن أكملنا صيام الشهر الكريم صوما وقياما وتهجدا ودعونا الله كثيرا في هذه الأيام المباركة بأن يرفع الله الغمة عن الأمة، وأن ينصر أهلنا بغزة على عدوهم وأن يخمد الله الحروب في بلادنا الاسلامية والعربية ويلم شمل أهلنا في الشام والسودان ويعود الأمن والسلام الى ربوع بلادنا الاسلامية، نسأل الله ان يتقبل منا ومنكم الطاعات والدعوات. *فرحة العيد* أذكر نفسي واياكم بان تكون فرحتنا في هذا العيد البحث عن المحتاجين وان نشارك اخوتنا المسلمين في كل مكان احزانهم ومأساتهم ونحاول ان نساعدهم وستجدون السعادة والفرح فيما نقوم به من عمل صالح كما امرنا ديننا بذلك، واذكر في هذا المقام قصة واقعية حدثت في احدى الدول العربية، يقول الراوي: ونحن في صلاة التراويح فى المسجد وكنت أصلي أقصى يمين الصف الأول وكان بجانبي طفل ونحن سجود سمعت الطفل بفطرته يدعو ربنا فيقول «ياارب اليوم ابي تعبان لا يستطيع أن يصلى التراويح معنا وانا أصلى مكانه هل ممكن تشفعه لي واوعدك يارب سنصلي سويا» ويدعو بأدعية مماثلة في كل سجدة وانه يحب اباه وانه لم بغضبه ابدا، ويواصل الراوي بان ما سمعه من هذا الطفل هالنى وأعجبني وبعد الفراغ من الصلاة انفردت به وقلت له: -احكِ لي ماذا حل بأبيك وانا سمعتك تدعو له؟ ببراءة الأطفال قال.. بابا ياعمو دايما بيجى يصلى مكانك دا ولا يترك فرضاً واليوم تعب غير قادر يأتي ليصلى فقلت للشيخ الامام هذه تربية احد الصالحين واستأذنت منه ان اخرج من الاعتكاف للحظات وازور هذا الرجل الصالح الذي ربى ابنه ليقول هذا الدعاء. وبالفعل ذهبت معه منزله وفوجئت بأنى اعرف اباه كويس جدا، ابوه رجل كبير في السنّ عفيف النفس لا يسمع له صوت ولم اشاهده والا المصحف بين يديه، ودخلت وسلّمت عليه وكانت الصدمة الثانية ان بيته حالته السكنية متدهورة جدا والغريب انا والاخوة في الجامع عاملين حصر للحالات الفقيرة في المنطقة ولم نكن نعرف ان هذا الراجل الطيب اكثر واحد يستحق المساعدة وطرأ على بالى قول الله تعالى («يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ»). وكان من فضل الله علينا أنه في صلاة العشاء اعطاني أحد المحسنين مبلغا معقولا فوضعت المبلغ في ظرف وقلت لابنه لما أخرج افتح الظرف وسلمه لوالدك، ومن المصادفة أنني منذ فترة نشرت رسالة لاحدى الفتيات امها اخبرتني عنها انها قوّامة صوّامة لا تُفارق القرآن لحظة لدرجة انها تنام والمصحف في حضنها، هذه الفتاة طلعت بنته ومتقدم لها شاب صالح نحسبه على خير وما يؤخر زواجهم ظروف والدها المادية وهذا ما فهمته من امها، وعندما رجعت المسجد رويت للشيخ فاستغرب هو الاخر اننا كيف كنا غافلين عن هذا الرجل الصالح وعلى الفور اتصل الشيخ بصاحب احدى شركات الاجهزة وعنده محلات الومنيوم وطلب منه ان يعمل له جهاز عروس كامل. وعدت لبيت الرجل الصالح الطيب ومعي الشيخ فابلغنا ام الفتاة وفرحوا فرحا شديدا.. لكن أبوها كان عزيز النفس ورفض المساعدة في البداية حتى تذلل له الشيخ وطلب منه ان يذهب بنفسه لاستلام العفش فوافق بفضل الله بعد معاناة شديدة. وهذا ما حدث خلال ساعات فقط من ذلك اليوم، سبحانه وتعالى سخرنا لهذا الرجل الصالح لقضاء حاجته فأخذني الفضول وسألت هذا الراجل الطيب، ما هو السر الذي بينك وبين وبين ربنا لكي يسخرنا لك؟ كان رده «ان انقطعت حبال الناس فحبل الله موصول وكان يردد قول الله تعالى (فاستجبنا لهُ ونجّيناهُ من الغمّ وكذلك نُنجى المُؤمنين») الحكمة من هذه الرواية ان نتلمس احوال جيراننا وارحامنا في هذه الايام المباركة ونشركهم معنا فرحتنا بالعيد واكمالنا صيامنا وقيامنا بقدر ما رزقنا الله ونسأل الله ان يكرمنا ونكون من الفائزين بليلة القدر. *كسرة أخيرة* أروع ما قاله نزار قباني عن العيد وكأنه يصف حال أهل غزة في هذا العيد: يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا واستوطن اﻷرض أغراب وأشباحُ الله أكبر تعلو كل مئذنة وغمرة الحبِّ للعينين تجتاحُ أين الذين تراب اﻷرض يعشقهم فحيثما حطَّت اﻷقدام أفراحُ تآمر الغرب واﻷعراب واجتمعوا فالكل في مركبي رأس وملَّاحُ يا عيد عذراً فلن نعطيك فرحتنا مادام عمَّت الأحزان في ربوع الأوطان.