18 سبتمبر 2025
تسجيليأتي توجه السلطات في سلطنة عمان نحو تعزيز دور القطاع الصناعي في الاقتصاد الوطني في سياق معالجة بعض التحديات الجوهرية وفي مقدمة ذلك موضوع إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين. حقيقة القول، يوجد تميز للقطاع الصناعي أو المناطق الصناعية وتحديدا القدرة على خلق عدد كبير من فرص العمل عبر استقطاب مشاريع متنوعة. وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على رغبة الشباب العماني بالعمل في القطاع الصناعي وهي نقطة تحسب لصالحه. وكان الشباب العماني في طليعة من نزلوا في شوارع مدينة صحار الصناعية في الربع الأول من العام 2011 للمطالبة بمعالجة بعض الصعاب التي توجه السلطنة بما في ذلك محاربة كافة أشكال الفساد المالي والإداري التي تعد أحد الأسباب وراء معضلة البطالة في طول وعرض البلاد المترامية الأطراف. تعتبر صحار أهم مدينة صناعية في البلاد كونها تعتبر منطقة صناعية منطقة وميناء وعليه كان اختيارها المحتجين لها صحيحا بغية إرسال رسالة واضحة لم يهمه الأمر بخصوص معاناته. وما التركيز هذه الأيام على تطوير المناطق الصناعية وبالتالي الفرص الوظيفية إلا دليلا دامغا على وصول الرسالة لأصحاب القرار في السلطنة. تتوافر في سلطنة عمان في الوقت الحاضر 6 مناطق صناعية والعدد مرشح للارتفاع إلى 9 مناطق في حال اجتازت مرحلة الدارسات الميدانية. المناطق الست هي الرسيل وصحار ونزوة وصور والبريمي وريسوت تضم فيما بينها 71 مليون متر مربع من الأراضي الصناعية . وفي حال تمت الموافقة على إنشاء ثلاث مناطق صناعية جديدة وهي سمائل وعبري ومسندم فسوف تصاف مساحة قدرها 16 مليون متر مربع من الأراضي الصناعية للمجموع الكلي ما يعد تميزا طبعا، يضاف لذلك منطقة تقنية المعلومات بواحة المعرفة في العاصمة والتي تتميز بتوفير ما له علاقة بتقنية المعلومات والاتصالات. تتميز هذه المنطقة بأنها تضم أفراد لمؤسسين يعملون في في محال بعمل الحاسة فضلا غن شركات عالمية مثل (مايكروسوفت واوركل). إضافة لذلك، هنا ثلاث مناطق حرة وهي المنطقة الحرة بصحار وميناء صحار الصناعي والمنطقة الحرة بالمزيونة. الأمل كبير بأن تساهم المناطق الصناعية من جهة والمناطق الحرة من جانب آخر بتكامل الأدوار وفي ذلك خدمة كبيرة للشعب العماني المتعطش للعمل وفرصة لمعالجة آفة البطالة وما لها من تداعيات على واقع المعيشة في السلطنة. تتراوح نسبة البطالة في عمان ما بين 12 و 15 في المائة في أوساط الموطنين الراغبين في العمل. بل ترتفع النسبة في حال إضافة الإناث في سن العمل واللاتي قررت عدم البحث عن وظائف بقصد التفرغ للاهتمام بالمنزل ضاربة بذلك أروع الأمثلة في الإيثار. تعتبر نسبة البطالة في عمان مرتفعة وتشكل تعطيلا للإمكانات البشرية الموجودة في البلاد. لا شك يعتبر كل عاطل عن عمل عبارة عن طاقة معطلة وخصوصا بالنسبة للمتعلمين والمدربين. وهنا لا بد من التعاطي بشكل حساس مع الديمغرافية حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن 31 في المائة من السكان هم دون سكن الخامسة عشرة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة لسوق العمل في المستقبل القريب نسبيا. طبعا، يبحث شباب اليوم على فرص عمل تتناسب وتطلعاته في عصر العولمة حيث سهولة انتشار المعلومة. بل تؤكد رؤية عمان 2020 إلى أهمية تقليص حجم الوظائف في المؤسسات الرسمية تماشيا مع مبادئ تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. يشكل المواطنون أكثر من 90 في المائة من القوى العاملة في القطاع الحكومي الأمر الذي يعني محدودية إمكانية إيجاد فرص عمل جديدة في الدوائر والمؤسسات الرسمية. في المقابل، تشكل العمالة المحلية قرابة 30 في المائة من العاملين في القطاع الخاص. وفي هذا الصدد، تؤكد رؤية عمان 2020 على ضرورة تقليص حجم الوظائف في المؤسسات الرسمية تماشيا مع مبادئ تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. يتناسب الحديث حول تطبيق مرئيات مع رؤية عمان 2020 من حيث التوقيت باتجاه الدفع بتقليص الاعتماد على القطاع النفطي . فحسب الإحصاءات الرسمية، شكل القطاع النفطي بما ذلك الغاز الطبيعي ثلث الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة فضلا عن أكثر من ثلثي دخل الخزانة العامة. . بكل تأكيد، لا يمكن تصور توظيف غالبية الباحثين عن العمل في المؤسسات التابعة للدولة لسبب جوهري وهو استحواذهم على نحو 90 في المائة من فرص العمل للعمانيين في الوقت الحاضر. وفي هذا الإطار، تتوقع رؤية عمان 2020 إلى انخفاض نسبة العمالة الوطنية في مؤسسات الدولة من 90 في المائة في الوقت الحاضر إلى 68 في المائة مع نهاية المدة الزمنية. ومن شأن بعض النتائج الايجابية والتي حققت في العام الماضي تعزيز المكاسب الاقتصادية وخصوصا بالنسبة للقطاع الصناعي. فقد تبين بأن الإنتاج النفطي ارتفع بنسبة 2.3 في المائة في العام 2011 إلى نحو 885 ألف برميل في اليوم. كما ارتفع متوسط سعر البرميل من قرابة 77 دولار للبرميل في 2010 إلى 102 دولار للبرميل في 2011 على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة في سنة انطلاق الربيع العربي. وكانت عمان قد أعدت ميزانية كل من 2011 و 2010 بمتوسط سعر للنفط قدره 58 دولار و 50 دولار للبرميل. المطلوب بكل تأكيد الاستفادة من الفوائض النفطية بغية تقليص الاعتماد على القطاع النفطي عبر تعزيز النفقات العامة. بمعنى آخر، نرى صواب قيام صناع القرار بتوظيف الإمكانات النفطية بهدف تقليص الاعتماد على هذا القطاع لصالح القطاع الصناعي الأمر يخدم ومسألة التخطيط السليم حتى يتسنى للقطاع العام ممارسة دور قيادي في إدارة دفة الاقتصاد الوطني.