15 سبتمبر 2025

تسجيل

قطرُ: الإنجازُ لغةُ الخطابِ (2)

10 فبراير 2015

أُولى قواعدِ الاستثمارِ، تُلخصُها مَقولةٌ شائعةٌ هي: رأسُ الـمالِ جبانٌ. فالاستقرارُ السياسيُّ والـمُجتمعيُّ والقدراتُ الاقتصاديةُ هي الأمور التي يبحثُ عنها الـمُسْتَـثْـمِرونَ، دولاً وشركاتٍ عابرةً للقاراتِ وأفراداً. وجاءَ تنظيمُ الـمونديالِ ليُثْـبِـتَ للجميعِ تَـوَفُّرَها في بلادِنا، وليُـقَـدِّمَ لهم صورةً عن دولةٍ نَشِـطَـةٍ سياسياً واقتصادياً، تحترمُ مواطنَـها وتبذلُ جهوداً ضخمةً للحفاظِ عليه كقيمةٍ في ذاتِـهِ. عندما حدثني رجالُ أعمالٍ من الصينِ وسنغافورةَ والهندِ، التقيتُ بهم في أحدِ الفنادقِ بالدوحةِ، عن قُدومِـهِم إلى بلادِنا خلالَ إقامةِ الـمونديالِ ليروا عَياناً أموراً لا يمكنُـهُم الوثوقُ بها من خلالِ الإعلامِ، فهذا دليلٌ على أنه كان دعايةً عالـميةً ضخمةً لنا. كما أنَّ حديثَـهُم الاسْتِـفْساريَّ معي عن الرواتبِ والضماناتِ الاجتماعيةِ والصحيةِ والتعليميةِ التي تُقَـدِّمُها الدولةُ للمواطنين، يدلُّ على أنَّـنا صِرْنا تحت العينِ الفاحصةِ للمُستثمرينَ، وأنَّ البذورَ التي ألقاها الـمونديالُ في تُربةِ طَمْـأنَةِ واجتذابِ رؤوسِ الأموالِ قد بدأتْ تُثْـمِرُ رويداً رويداً. اللافت في التحليلاتِ التي تناولَتْ فُرَصَ الاستثمارِ في بلادِنا هو اهتمامُها بالبنى التحتيةِ للتعليمِ باعتبارِها مجالاً استثمارياً مستقبلياً مهماً، لأنَّ قطرَ، خلالَ عشرِ سنواتٍ على أقلِّ تقديرٍ، ستكون مركزَ استقطابٍ إقليميٍّ للطلابِ والطالباتِ في الـمرحلةِ الجامعيةِ نظراً لافتتاحِ فروعٍ لجامعاتٍ عالـميةٍ فيها، مما يعني أنَّ البنى التعليميةِ وما يرتبطُ بها من مشروعاتٍ في البنى التحتية للدولة ستكون مَوْضِـعَ تَـجَـدُّدٍ وتَوَسُّـعٍ دائمينِ. من جانبٍ آخرَ، لاحظتُ تحليلاتٍ عن قدرةِ بلادِنا على استيعابِ أنشطةٍ اقتصاديةٍ ضخمةٍ جداً لا تتصلُ بالبترولِ والغازِ، كإنشاءِ منطقةٍ حرةٍ على مساحةٍ واسعةٍ من الأرضِ، وبناءِ أحواضٍ جافةٍ للسفنِ، ومستودعاتٍ كبيرةٍ، كحالِ شبيهاتِها في الإمارات الشقيقةِ، وربطتْها تلك التحليلاتُ بالعلاقاتِ الدَّوليةِ لبلادِنا وقدرتِها على إنشاءِ بنى تحتيةً للإسكانِ وتوليدِ الكهرباءِ وتحليةِ الـمياهِ والاتصالاتِ والصحةِ والسياحةِ وسواها، وتوصلت إلى إمكانِ ذلك بنسبةٍ كبيرةٍ في ظلِّ السياسات الطَّموحَةِ لقيادتِنا الحكيمة. حديثُنا هو عن رؤوسِ أموالٍ ضخمةٍ سَتُضَخُّ في اقتصادِنا الوطنيِّ، مما يدفُعُنا لـمُطالَـبَـةِ اللجنةِ العُليا للمشاريعِ والإرثِ بإعدادِ خططٍ اقتصاديةٍ وطنيةٍ لاستيعابِها والحَـدِّ من التأثيراتِ السلبيةِ التي قد تُصاحبُها. وكذلك، إعداد قوانينَ استثماريةٍ تجعلُ الـمواطنَ القطريَّ قادراً على الـمشاركةِ في كلِّ الـمشروعاتِ الـمُنْـتَـظَـرَةِ من خلالِ صناديقَ استثماريةٍ تهدف لإفادةِ الـمواطنينَ منها.وسنتناولُ الحصادَ الاجتماعيَّ للمونديالِ في الـمقالِ اللاحقِ.