30 سبتمبر 2025

تسجيل

مرحبا بتطور أداء الاقتصاد البحريني

10 فبراير 2013

يشكل القرار الحديث لمؤسسة (ستندارد آند بور) المتخصصة في منح الملاءات المالية بتعديل النظرة المستقبلية للبحرين من سلبي إلى مستقر تطورا يمكن تفهمه. وقد ربطت المؤسسة القرار بأمور معتبرة من قبيل تراجع حدة التوتر السياسي في البلاد فضلا عن تعزيز النفقات العامة. ويمكن الزعم بأن انخفاض التوتر فيه إشادة بدور القوى السياسية لتمسكها بالعمل السلمي كخيار إستراتيجي منذ انطلاق الأزمة السياسية في البلاد في فبراير 2011. ويشكل الواقع السياسي امتيازا مقارنة مع دول أخرى بالنظر لمحدودية ظاهرة العنف في أي حال من الأحوال. وبالنسبة لتعزيز النفقات فقد قررت الدولة رفع مستوى النفقات الفعلية للسنتين الماليتين 2011 و2012 بنحو 20 في المائة عن تلك التي تم رصدها عند الإعلان عن الموازنة العامة عبر تخصيص المزيد من الأموال لزيادة رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين. وربما فرضت تداعيات الربيع العربي نفسها على هذا التوجه في ضوء رغبة الجهات الرسمية بإرضاء قطاع واسع من المواطنين. مهما يكن من أمر، فقد أسهمت الخطوة في تحقيق نمو الاقتصاد بنسبة 3.9 في المائة في العام 2012 مقارنة مع توقع في حدود 2.4 في المائة. وقد صدرت هذه الأرقام من مجلس التنمية الاقتصادية المناط به عهدة تطوير سياسات وبرامج اقتصادية للبلاد. طبعا يعد هذا التطور لافتا قياسا بتحقيق نسبة نمو بنحو 1.9 في المائة في 2011. الأرقام المشار إليها هي فعلية أي بعد طرح عامل التضخم. ومن حسن الحظ وهذه إيجابية أخرى لا يعاني الاقتصاد البحريني من معضلة التضخم كونه لا يتجاوز نسبة 3 في المائة في أسوأ الأحوال. ويعود هذا الأمر المرحب به لأسباب تشمل استمرار احتفاظ معدلات الفائدة بمستوياتها المنخفضة تاريخيا منذ أزمة الرهن العقاري في 2008. كما هناك سبب آخر وهو عدم حصول ارتفاع غير طبيعي بالنسبة لأسعار المواد الاستهلاكية المستوردة من الخارج. واستمرارا لخيار تعزيز النفقات العامة، يتوقع تسجيل عجز مالي قدره 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في موازنة العام 2013 مرتفعا إلى 6.6 في 2012. زاد حجم الناتج المحلي الإجمالي عن 26 مليار دولار عن خط 26 مليار دولار في العام 2012 لكن يتوقع ارتفاع قيمته خلال فترة الموازنة الجديدة. وربما لا يتوافر الكثير من الفرص للحد من العجز بالنظر لإقرار السلطة متوسط سعر قدره 90 دولارا للبرميل. خلافا لما هو مشهور بين موازنات دول مجلس التعاون يعد هذا الرقم غير محافظ كونه يقترب من الأسعار السائدة في الأسواق الدولية. ولأغراض المقارنة افترض قطر متوسط سعر 65 دولارا للبرميل لموازنة السنة المالية 2012- 2013 والتي تنتهي نهاية مارس. رغم الحديث عن التنوع الاقتصادي يشكل القطاع النفطي قرابة ثلثي دخل الخزانة العامة والصادرات. بل التنوع الاقتصادي الفعلي مرده محدودية دور القطاع العام في مكونات الناتج المحلي الإجمالي بالنظر لوجود قطاعات منافسة أخرى مثل الخدمات المالية. حقيقة القول؛ تتميز البحرين عن سائر دول مجلس التعاون الخليجي بنشرها إحصاءات تتعلق بموازنة سنتين ماليتين في آن واحد بغية منح مستثمري القطاع فرصة الوقوف على توجهات الدولة والتي تشكل نفقاتها أقل من ثلث الناتج المحلي الإجمالي. لكن يتطلب الأمر تبني إحصاءات واقعية قدر الإمكان بالنظر لطول مدة الموازنة العامة. يشار إلى أن العجز المالي المتوقع للسنتين الماليتين 2013 و2014 يتعارض مع أحد شروط مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي يلزم بعدم ارتفاعه عن نسبة 3 في المائة. وقد يتطلب الحد من العجز وهو أمر غير مرغوب به في الوقت الحاضر وهو خيار تخفيض مستوى النفقات العامة. ثم هناك تحدي البطالة في أوساط المواطنين حيث تتراوح النسبة ما بين 4 في المائة و15 في المائة. الرقم المنخفض مصدره الحكومة وصدر قبل أيام لكن ربما يصطدم بالواقع مع الأخذ بعين الاعتبار التداعيات السلبية للأزمة التي مرت بها البلاد. أما الرقم المرتفع فمصدره أحدث تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ضمن سلسلة تقارير الوكالة عن مختلف دول العالم لكن من دون ذكر المصدر. مهما يكن من أمر، تعتبر البطالة مسألة في غاية الأهمية بالنظر لعوامل مثل النمو السكاني المرتفع نسبيا والذي يزيد على 2.5 في المائة. أيضا، لا يمكن إغفال متغير الأجانب حيث يشكلون فيما بينهم نحو 54 في المائة من السكان وأكثر من 66 في المائة من القوى العاملة. خلافا لبعض الأجانب يصر المواطنون الحصول على رواتب مجزية. لكن عليهم قبول التحدي من بعض الأجانب وتحديدا وجود رغبة لدى البعض منهم بقبول العمل في إطار رواتب متدنية نسبيا. وتترك هكذا خطوات أثرها على مستويات المعاشات وبالتالي فرص العمل المتوفرة أمام المواطنين. من جهة أخرى؛ أصبحت المديونية العامة والتي تغطي جانبا من ارتفاع النفقات العامة مصدر قلق للمتابعين ولأسباب جوهرية. فقد ارتفع حجم الدين العام عدة مرات في غضون آخر 10 سنوات من نحو 1.6 مليار دولار في العام 2002 إلى قرابة 10.5 مليار دولار قبل نهاية العام 2012. وفي موازاة ذلك ارتفعت الأهمية النسبية للدين العام من 20 إلى 25 وأخيرا 40 في المائة في الآونة الأخيرة لكنه يبقى في حدود السيطرة. كما لا يصطدم الدين العام مع أحد شروط مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي انطلق مطلع العام 2010 بمشاركة السعودية وقطر والكويت والبحرين وبغياب كل من الإمارات وعمان. يلزم مشروع الاتحاد النقدي الخليجي عدم ارتفاع الدين العام عن حاجز 60 في المائة للناتج المحلي الإجمالي. في المحصلة، تحسن أداء الاقتصاد البحريني في 2012 فمرحبا بذلك.