10 سبتمبر 2025

تسجيل

الشغف أولاً!

10 يناير 2023

من أصعب الأمور في هذه الحياة، أن يجد المرء المهنة أو العمل المناسب الذي سيقضي معظم حياته ممارساً له ومن ثم الاستمرار فيه. معايير العثور على العمل المناسب للإنسان تختلف من شخص لآخر وفق اختلاف الأولويات، هناك من يختار العمل وفق احتياجات السوق، وهناك من يختاره بناء على الإيراد المالي الأعلى، وهناك من يختاره بناء على شغفه، وهناك من يختار وفقاً لرغبة العائلة أو يختار الحرفة الموروثة، وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تبدأ ولا تنتهي. أياً كانت المهنة أو الحرفة أو العمل الذي اختاره الانسان ليقوم به وأياً كان السبب، عليه أن يتذكر أنه سيقوم بهذا العمل بقية حياته، فلو سلمنا بأن الانسان عاش إلى عمر الستين، وعمل من سن ٢٤ وحتى سن ٦٤ عاماً، فإنه سيكون قد قضى حياته خلال هذه الأربعين عاماً، وهو يعمل لمدة ثماني سنوات وثمانية أشهر! ولا شيء يزيد على وقت العمل في حياة الانسان سوى النوم، الذي يقضي الانسان فيه ما يقارب ١٣ سنة من حياته خلال المدة نفسها وفق دراسة قام بها موقع «العربي الجديد». ولهذا، ورغم كل الأسباب الموجودة التي قد يختار الشخص عمله بناء عليها، أو حتى يُرغم على عمله بسببها، يجب على الانسان أن يحاول على الأقل، أن يختار العمل الذي يحبه ويشغف به، هذا العمل هو الذي سيجعله يصحو من نومه متحمساً لحياته، هذا العمل هو الذي سيجعله يكمل الأربعين عاماً القادمة في حياته! هذا العمل هو الذي سيجعله يحاول الوقوف مهما تعثر وسقط!. الممثل الأمريكي الأسطوري مارلون براندو شغف بالتمثيل حتى تربع على عرش هوليوود في خمسينات القرن الماضي. ولكن ما إن أطلت الستينات حتى تغير الوضع ولم يعد يتصل به المنتجون ولا المخرجون لانخفاض الإقبال على أفلامه ولصعوبة مزاجه وقت التصوير. هذا الأمر لم يثن براندو عن التمثيل، فهو شغفه في النهاية وإن كان يصرح بأنها مهنة سخيفة! واستمر براندو في النظر في فرص التمثيل التي تأتيه، حتى وافق على التمثيل في فيلم «العراب» في السبعينات الذي فاز عن طريقه بثاني جائزة أوسكار في حياته!. بوب ديلن المغني الأمريكي الذي يعتبره الكثيرون من أعظم كاتبي الأغاني في التاريخ، صارع أيضاً بعد صعود نجمه خلال السبعينات والثمانينات، وظن معجبوه والنقاد على حد سواء بأنه انتهى حتى فاجأهم في التسعينات بصدور ألبومه (TIME OUT OF MIND)، والذي رجع به بقوة إلى الساحة الفنية وكأنهم لم يخرج منها بالأساس! استطاع ديلن الرجوع لأن هذا هو شغفه وعمله الذي يحبه، ولا يستطيع تركه وإن حاول. وهذا المعيار الأول الذي يجب أن يكون في اعتبار أي شخص يريد أن يختار العمل الذي سيقضي بقية حياته ممارساً له، الشغف الذي مهما انطفأ الشخص من الخارج، ومهما تم تحبيطه وتهميشه وإبعاده عن الساحة سيكون في داخله مشتعلاً نوراً لا ينطفئ، لا يبعده عن الحياة ولا يزيحه عن العمل.