19 سبتمبر 2025
تسجيلتأخذ موازنة سلطنة عمان للسنة المالية 2016 بعين الاعتبار التطورات غير المرحب بها في أسواق النفط. وكانت أسعار النفط قد هوت حديثا لأقل من 35 دولارا للبرميل حديثا، أي الأقل في غضون 11 سنة، ما يعد أمر مثيرا. فقد تم إعداد موازنة 2016 بمصروفات قدرها 30.9 مليار دولار مقابل إيرادات في حدود 22.3 مليار دولار وبالتالي رصد عجز قدره 8.6 مليار دولار.في المقابل، تم إقرار موازنة 2015 بمصروفات وإيرادات بنحو 30.6 مليار دولار و30 مليار دولار على التوالي، ما يعني توقع عجز مقداره 6.6 مليار دولار.بيد أنه حصلت تغييرات نوعية للأرقام الفعلية لموازنة 2015 حيث تم تسجيل عجز مرتفع قدره 11.9 مليار دولار بزيادة 80 بالمائة على الرقم المعد للسنة المالية. بل ساهم تراجع النفقات في الحد من مستوى العجز الفعلي.وفيما يخص أداء موازنة 2015، حصل انخفاض قدره 23 بالمائة للإيرادات وصولا إلى 23.1 مليار دولار. الملاحظ بأن دخل الخزانة المتوقع لعام 2016 قريب من الفعلي الذي تم تسجيله في 2015. كما انخفضت المصروفات بواقع 5 في المائة لحد 34.8 مليار دولار انعكاسا لسياسة ترشيد الإنفاق.عودة لموازنة 2016، فقد تم تخصيص 29 بالمائة من النفقات لأغراض الأمن والدفاع بالنظر للتحديات الجيوسياسية الإقليمية بما في ذلك التطورات في اليمن المجاور. كما تم وضع نسب ضخمة لبعض الأمور الحيوية الأخرى وتحديدا قبيل 14 بالمائة للتعليم، فضلا عن 11 بالمائة للمشاريع. وفيما يخص تمويل العجز، يبدو بأن هناك توجها باللجوء لمصادر متنوعة بما في ذلك السحب من الاحتياطي العام، حيث تشير الأرقام بأن لدى السلطنة ثروة سيادية قدرها 19 مليار دولار. المصادر الأخرى عبارة عن قروض تجارية والمنح المقدمة من المنظومة الخليجية. بالعودة للوراء لعام 2011، وافقت أربع دول أعضاء في مجلس التعاون في تقديم منحة مالية قدرها 10 مليارات دولار على مدى 10 سنوات لكل من البحرين وعمان بغية المساعدة في القضاء على التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلدين الخليجيين.أمر لافت تصميم السلطات على تخفيض القيمة المالية للإعانات المقدمة عبر تقليص المبلغ من 3.4 مليار دولار في عام 2015 إلى 1.4 مليار دولار في 2016. ويترجم هذا إلى تخصيص 5 بالمائة من النفقات للدعم في موازنة 2016 مقابل 9 بالمائة في 2015. تتماشى هذه السياسة مع ما يحدث في بعض الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مثل السعودية والبحرين.ما يثير القلق عبارة عن الاعتماد النسبي الكبير للاقتصاد العماني لرخائه على القطاع النفطي بشقيه النفط والغاز والذي بدوره مثل 78 بالمائة من إيرادات الخزانة في 2015 على أن ينخفض لحد 72 بالمائة في 2016. وفي هذا الصدد، يمكن تفهم توجه المسؤولين للبحث عن سبل لتعزيز الإيرادات غير النفطية والتي بدورها شكلت 22 في المائة من إجمالي إيرادات عام 2015، على أمل أن ترتفع إلى 28 في المائة من إجمالي الإيرادات في موازنة 2016.ويبدو جليا أن موازنة 2016 تعتمد على مبدأ ترشيد الإنفاق من جهة وتعزيز الإيرادات من جهة أخرى وهي معادلة واقعية في ظل هبوط أسعار النفط وبقائها منخفضة. وهذا يعني أن السلطات سوف تركز جهودها على تقليص النفقات الجارية غير الضرورية أينما كان ممكنا، مثل دعم السلع، فضلا عن البحث عن إيرادات غير نفطية. يبقى علينا انتظار النتائج الفعلية للسنة المالية 2016 قبل إصدار الأحكام.