16 سبتمبر 2025

تسجيل

تونس.. والدرس الديمقراطي

10 يناير 2014

أثبتت النخبة السياسية في تونس تحليها بالجدية وروح المسؤولية تجاه العملية السياسية بالبلاد برمتها، وحققت استقالة رئيس الوزراء التونسي الحالي علي العريضي استجابة حقيقية لمتطلبات الاتفاق مع المعارضة، وأكدت الحرص على مكتسبات الثورة التونسية والشعب التونسي الذي يعيش اليوم الذكرى الثالثة لثورته التي أطلقت شرارة الربيع العربي وكانت إرادة شعب تونس حاسمة في ابقاء النموذج التونسي الأكثر نجاحا وسطوعا في مسيرة ربيع العرب، لقد قدم العريضي استقالة حكومته للرئيس التونسي تنفيذا لما ورد في وثيقة خريطة الطريق التي وافقت عليها الأحزاب السياسية ضمن إطار الحوار الوطني، وبهذه الاستقالة سيتم تكليف مهدي جمعة الذي اختارته الأحزاب السياسية لرئاسة الحكومة حتى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 2014، وحقق التوافق التونسي منجزات مهمة مثل تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتقدم عملية التصويت على مشروع الدستور الجديد الذي لا تواجه صياغته مشاكل حقيقية، إن التوافق بين الخصوم في العمل السياسي هو جوهر العملية الديمقراطية، ورغم أهمية صناديق الانتخاب في تحقيق الطموحات الشعبية، فان حركة النهضة في تونس انحازت للتوافق وليس للغلبة فلم يتخذوا من فوزهم في الانتخابات ذريعة للتفرد بالحكم وقد أعطت حركة النهضة وباقي الأحزاب التونسية المشكّلة للائتلاف الحكومي وحتى أحزاب المعارضة درسا مهما للأحزاب السياسية والسلطات في البلدان العربية التي تعاني أزمات سياسية مفاده أن التوافق والحوار المفضي إلى التنازلات السياسية تغليبا لمصلحة الوطن والشعب هو الطريق الأسلم والأنجع للتغلب على الأزمات، في حين أن مواجهة المحتجين بالقوة وقمع المعارضين وتكميم أفواههم واستعداءهم عوضا عن تجريم نشاطهم وحرمانهم من العملية السياسية ستؤدي للمواجهة والعنف وامتداد الأزمات إلى ما لا نهاية.