14 سبتمبر 2025
تسجيلمن أروع ما كُتب عن الانسان، واحدى أهم الفضائل التى يتوجب عليه التمتع بها؛ للاستفادة منها بشكل سليم يعزز مكانته، ويعبر عنه وعن انسانيته بصورة تجذبه نحو الآخر، وتُكسبه من قبل كل ذلك احترامه فمحبته، كتاب (أنصت يحبك الناس) للكاتب المبدع محمد النغيمش، الذى نجح فى تلخيص حق جذب الآخر واكتسابه ضمن قالب انصبت فيه كل وسائل تحقيق ذلك، فخرج كدليل ملموس لامس حاجتنا للتعرف على ثقافة احترام الآخر من خلال الانصات وبشكل فعلى وفعال اليه. بصراحة فلقد بهرنى هذا الكتاب منذ اللحظة الأولى التى وقعت عليه بنظراتي، لدرجة أنى وكأى قارئ بدأت تطبيق ما قد ورد فيه؛ كى أُضيف على كل جديد همس به الكتاب، وكنت أجهله من قبل؛ وكى أسد النقص الذى ولربما أعانى منه؛ وذلك سعياً منى نحو الفوز بما يُعرف بـ (التكامل البشري)، شأنى فى ذلك شأن كل عاقل يتمتع بالعقل وخصوبة الفكر، والجميل أن هذا الكتاب قد صار مرجعاً خاصاً أرجع اليه كلما شعرت باضطراب يهدد عملية التواصل مع الآخرين، حتى أنى ومنذ أيام رجعت اليه من جديد، غير أنى أخذت أفكر قليلاً، وخرجت بهذا السؤال: ان أحسن المرء منا الانصات فلاشك بأنه سيخرج بمحبة الناس له؟ فكيف يكون الوضع متى أحسن الانصات لضميره ولكل ما يخبره به؟ فيبحث عن الخطأ؛ ليصححه، ويُبدله بصواب لابد وأن يكون؟ حين تمعنت ذاك السؤال جيداً وجردت نفسى من ضرورة الهروب الى الكتاب، وجدت بأننا وان بدأنا فعلاً بذلك وبكل صدق؛ لحققنا الكثير، ولوجدنا بأن الخير قد زحف بيننا؛ ليشمل الجميع دون أن يسمح لغيره بحق الانتشار، وهو ما نسعى اليه دون أدنى شك، فهو ما يُبشر بأن الحياة ستعود الى صوابها الذى فقدته بسبب الجنون الذى تفرضه الأحداث، وتصعب معالجتها، وهو كل ما يتطلب منا التفكير وبشكلٍ جدى فى سبيل تخطيه، ولكن وسط جو هادئ يسمح لنا بحسن الانصات، وهو تماماً ما سيعود بنا الى نقطة البداية، ألا وهى تلك التى تطل علينا من خلال هذا السؤال: ماذا ان تمكن كل واحد منا من الانصات لضميره وبشكلٍ جيد؟ ان ما يحدث حقيقة وعلى أرض الواقع هو تجاهل البعض منا لصوت الضمير الذى يُحدث ويتحدث عن الصواب، وعن كل ما يجدر لأن يكون، ولكن وللأسف لا يواجه هذا الصوت التجاهل فقط، بل منازلة ذاك القاتل الذى ينزل وبكل وحشية؛ كى يقتله فيختفى تماماً، وتُفتح من بعد ذلك الأبواب أمام التهور والطيش، والظلم الذى يسبقهم جميعاً؛ ليمارس شره على الناس دون رحمة تحتاجها الانسانية، فالى أين يا أصحاب الضمائر التى تسمح بمواجهة ومنازلة قاتل الضمير؟ وأين أنتم من فضيلة الانصات؟ وكيف تطالبون باحترام الحقوق وأنتم تجهلون أهم الواجبات بتجاهلكم لضرورة الانصات الفعلى والفعال الى الضمير؟ وماذا بعد؟ لقد جاء هذا المقال وما به من كلمات عُلقت على رقبته؛ ليدعوكم الى مراقبة أحوالكم، ودراسة تصرفاتكم، والانصات جيداً الى ضمائركم؛ كى نخرج بمجتمع نقى لا تغطيه الأفعال النتنة التى يُقبل عليها من لا يدرك كيف يُنصت الى ضميره، ولا يسعى الى ذلك أصلاً، والحق أن السبيل الى ذلك يكون باصرار كل واحد منا على تحقيق ما سبق، حتى وان بدا الأمر صعباً منذ البداية. وأخيراً قال تعالى فى كتابه العزيز (ان الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) والبداية منا حين نقول: نعم نريد ذلك فعلاً، وعليه فلنفعل، وليوفق الله الجميع. ومن جديد راسلونى بالجديد: [email protected]