11 سبتمبر 2025
تسجيلعلى جدران مدارسنا نقرأ: من جَدَّ وجد.. من تعب قليلاً استراح طويلاً.. المكارم منوطة بالمكاره.. وفي أدب المتنبي، نسمعه يقول: إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَر ***** فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُكأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا **** ٍ إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُوَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا **** إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّالُلَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ***** الجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُهكذا قضى الله وقدر، فلا محاباة لأحد على غيره، ولن يشفع للكسول نسبه.. وكما لا يتمثل في عقل، أو يصح في قياس: أن يُحصد زرع بغير بذر، أو تُجنى ثمرة بغير غرس؛ فكذلك لا تُبنى الأمم بالركون إلى الماضي مهما كان مشرقاً! بل الطريق للمعالي بذل الجهد واستفراغ الوسع وعدم التهاون، لنضم إلى أمجاد الماضي إنجاز الحاضر، كما قال عبدالله بن معاوية:لسنا وإن كَرُمَتْ أوائلنا.......يومًا على الأحساب نتكلنبني كمـا كانت أوائلـنا.......تبني ونفعلُ مثلَ ما فعلـوايقول الإمام ابن القيم رحمه الله:"وقد أجمع عقلاء كل أمة، على أن النعيم لا يُدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأنَّ بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق، تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا همَّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلاً استراح طويلاً، وإذا تحمل مشقة الصبرِ ساعة قاده لحياة الأبد، وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة".من فهم جيداً هذا؛ تجده حريصا على صنع نجاحه بيده، وانتزاع سعادته بعمله، وهو بذلك متوكل على الله حق توكله، لن تراه متحسراً على حاله، ولا شاكياً عجزه ومآله، ولا باكياً على عمره، ولا متمنياً شباباً ولى، بعد ما أعقبه المشيب! بل هو مؤمن بأن الفشل طريق للنجاح، وأن البلاء طريق العافية، وقاموس حياته لا يعرف اليأس، والعجز، ولا الكسل، والتمني.