16 سبتمبر 2025

تسجيل

المرأة في مجتمعنا كائن أم تابع؟ (2 — 2)

09 ديسمبر 2010

كنت قد أوردت في المقال السابق قصة رويت للشيخ عائض القرني عن عائلة سعودية كانت تعيش في أمريكا للدراسة، وقد أدى ضرب الرجل لزوجته بالحكومة هناك لمعاقبته وتأمين حياة كريمة للزوجة والأبناء وتحويل "فيزتها" من مرافقة للاجئة حتى تتمكن من الحصول على الجنسية الأمريكية مع أطفالها.. إنني لم أورد تلك القصة لأنني واحدة من أولئك المفتونين بالغرب أصحاب العقدة الأفرنجية.. ولا لأنني أنكر الدور الكبير الذي باتت تضطلع به مسيرة تمكين المرأة في مجتمعنا، ولا ألبس نظارة سوداء تمنع رؤيتي للمؤسسات التي تسعى بكل جهدها لتحمي المرأة المقهورة وتأخذ بيدها لبر الأمان. ولم أرو تلك القصة وأنا أختبئ خلف سور يمنعني من رؤية اليد الحديدية لأمريكا وهي تضرب بها في الداخل والخارج.. لتترك آثار أصابعها على أولئك المقهورين الذين لا تساوي قوتهم شيئاً أمام تلك القوة العظمى. ولكني أوردتها لأنني حلمت كغيري بألا نرى امرأة مقهورة في مجتمعاتنا، وليس فقط بأن ترفع كف الظلم عن عنق أولئك النساء المعنفات، بل ويأخذن حقوقهن في حياة كريمة وظروف معيشية تضمن لهن ولأبنائهن حياة كريمة دون الحاجة لاستجداء الأمن أو احتياجات الحياة من قريب أو بعيد. فمتى نرى ذلك ويصبح واقعا نحياه في مجتمعنا؟؟ ومتى يتوقف المجتمع والقانون عن معاملة المرأة كتابع فقط للرجل في الجنسية وفي التحكم بمصيرها ومصير أبنائها حتى ولو كانت مطلقة منه، وتدمير عائلة بأكملها حين يكون الرجل مذنباً، والله عزوجل يقول "ولاتزر وازرة وزر اخرى" فكيف تؤخذ المرأة بذنب ذلك الرجل الذي أصبح حتى غريباً عنها ولا يحل لها بعد الطلاق.. ولكن مجتمعنا وقوانينا مازالت تربطها معه بحبل من مسد.. وكل ذلك لأنه رجل... ومتى تستطيع المرأة التحكم بشراء وبيع أسهم لأبنائها الذين يقعون تحت حضانتها الشرعية ونفقتها الشرعية حين يتخلى الأب المتخاذل عنهم، ولكن ذلك القانون الجائر يبقي الحق بالبيع للأب حتى وإن كان الشراء من مال الأم لأبنائها.. وكل ذلك لأنه رجل. إن الحديث دوما عن تبعية المرأة للرجل حديث ذو شجون، وموضوع شائك لايرغب الكثير منا في طرحه، ولا التطرق له، لأن معظمنا قد آمن بأن تلك القضايا والقوانين مسلمات ومنطقة محظورة لا يمكن الدخول إليها، مع أنها قوانين وضعية وليست سماوية، وبالرغم من أن ركب التحديث والتنمية والتطور يسير بخطى ثابتة نحو تمكين المرأة، وغرس قناعات ضرورة مشاركتها المجتمعية من أجل نجاح تلك المسيرة، وأن تأخذ مكانها الصحيح والذي لايتمثل بمعارضة الرجل ولا العداء له، ولا حتى إكمال ما تبقى من دوره في تلك المسيرة، وإنما جنباً إلى جنب مع الرجل، وذلك لأنها نصف المجتمع وهذا ما يجب أن تكون عليه. إن ما تلاقيه بعض النساء في مجتمعنا ما هو إلا رواسب للجاهلية التي كانت تعتبر المرأة تابعاً فقط وليست كائناً مستقلاً يملك حق الحياة الكريمة والحرية الشخصية المحدودة بالضوابط الشرعية والقيم السائدة.. لقد رأيت وسمعت قصصاً لنساء تعرضن لهجر أزواجهن سنوات طويلة دون وجه حق وإنما لأنه على خلاف معها، او لأنه لم يعد يرغب بها زوجة له، أو لأنه اكتشف أنه لا يوجد توافق بينهما وذلك بعد أن أنجبت له ثلاثة أو أربعة من الأطفال، فقرر أن يضعها على الرف هناك في دولاب حياته حيث لا يجب أن تستخدم..