13 سبتمبر 2025

تسجيل

تسلية

09 أكتوبر 2017

كنت أذهب إلى حي كوريا في الجانب الجنوبي من المدينة بتلقائية شديدة، ألتقي بالممثل عثمان تسلية في صالونه الذي سماه الصالون الفاخر، وكان في الواقع، مقعدين من البلاستيك القديم، أحدهما بظهر مكسور، موضوعين في الشارع وأمامهما طاولة خشبية صغيرة عليها ترمسي الشاي والقهوة، وبعض الأكواب، ولا شيء آخر. كان كما أخبرني لا يغادر مكانه إلا آخر الليل، وبعد أن تتوقف ضجة الطريق تماما، وتنقطع التحايا والسلامات، والأصوات المنغمة أو الجارحة، وبمساعدة شابين متطوعين من الجيران، يحملانه ويضعانه في سريره داخل البيت، وفي الصباح وقبل أن تشرق الشمس جيدا، ويبدأ الطريق في إشعال فوضاه، يعودان، يحملانه من السرير، يضعانه على كرسيه في صالونه المفتوح الذي تمر عبره كل غرائب الطريق، وثوابته وأشياؤه الشاردة أيضا، كانت موارده محدودة كما أخبرني ويعيش مع امرأته التي تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى، أم مجهول، ولم تلد طفلا، على إيراد دكان صغير يملكه في سوق المدينة الكبير، ويؤجره لحلاق هندي اسمه شانتي، لم يكن فكر في البحث عن طرف صناعي لساقه المبتورة، ولا حتى استطاع أن يمتلك عصا صلبة وجيدة تساعده على المشي أو الحركة في محيط ضيق، وقد جلبت له تلك العصا المطلوبة وابتهج بها كثيرا، رغم شكه أنه قد يستخدمها. لم تطرح فكرة إيجاد مقعد متحرك أبدا، أو طرحت ولم يكن طرحا جادا، لأن الرجل أكد بإصرار، أنه لا يتحرك إلا من الداخل لباب الشارع ومن باب الشارع للداخل، ويقضي أشياءه الملحة في البيت مثل الاستحمام وغيره، بمساعدة زوجته. كان في الواقع يجلس على كرسيه في الشارع أكثر من سبعة عشر عاما، تأتيه الأخبار المهمة وغير المهمة، يحتفظ ببعضها ويحاول أن ينسى بعضها، وتبقى أخبار الحزن والموت، والهجرات البعيدة، والزواج والطلاق، من تلك الأخبار التي يحاول طردها، وتبقى معلقة بالذهن دائما.