16 سبتمبر 2025
تسجيلقيم الدين ومبادئ الديمقراطية خصوصا فى خطوتها العريضة لا يوجد بها أى تعارض قاطع. وتبرز الاشكالية فى العالم العربى عندما تتم ترجمة القيم والمبادئ العليا المستمدة من الدين والقيم الانسانية الى سياسات وبرامج وسلوكيات وتوجهات تحكم المجتمع والناس! لقد نجحت تجارب استثمار القيم الدينية وتعزيزها فى الثقافة الديمقراطية فى عدة تجارب عالمية أهمها فى العالم الجديد والولايات المتحدة بالتحديد وبعض دول أمريكا اللاتينية، وفى بلدان اسلامية، مثل ماليزيا واندونيسيا وتركيا، مقابل دول عربية تشوه الدين وتدنس السياسة لخدمة أجندات ضيقة، لتمديد عمر الأنظمة الشمولى وايجاد شرعية زائفة للسيطرة على مقدرات السلطة.التجربة التركية هى الابراز فى ايجاد صيغة حضارية للتعايش والحركة والتفاعل ما بين الديمقراطية والدين. مجلة فورن بوليسى تلاحظ أن التيارات العربية المتصارعة لم تستوعب أبعاد النموذج التركي، أو أنها استوعبته لكنها لا تريد تطبيقه! وتنقل عن أستاذ العلوم السياسية فى جامعة “ييل” الأمريكية “ستاذيس كاليفاس” راية فى أن النموذج التركى يمثل نوعًا محددًا من التفاعل بين سياسة ذات جذور دينية من جهة، وعملية “اللبرلة والدمقرطة” من جهة أخرى. وهو يرى بأن هذه ظاهرة ليست جديدة تمامًا، بل ان لها أصلاً فى أوروبا من خلال تطور الأحزاب المسيحية خلال القرن التاسع عشر.الدكتور “هاكان يافوز” فى كتاب “العلمانية والديمقراطية المسلمة فى تركيا”، يذكر أن التحولات فى الحركة الاسلامية فى تركيا نجحت لانها اتجهت نحو الاقتصاد والخدمات وليس الهوية، وهو يركز ثلاثة أسباب أسهمت فى صياغة الشكل الحالى لحزب العدالة والتنمية وهي: كبح الدولة تاريخيًّا ممثلة فى الجيش والمحكمة الدستورية للأحزاب الاسلامية، الضغط الخارجى ممثلاً فى التزام تركيا بشروط الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، والعامل الاقتصادى ممثلاً فى صعود طبقة أعمال جديدة تنتمى للأقاليم والأرياف التركية ظهرت نتيجة للسياسة النيوليبرالية الاقتصادية وهى أوصلت الاقتصاد التركى الـ 16 فى العالم، والاقتصاد السادس فى أوروبا.هل يمكن استنساخ النموذج التركى فى العالم العربي؟ المهمة ليست سهلة كما يبدو، فالمعطيات التى صاغت التجربة التركية تستعصى فى أن تجد لها موطئ قدم فى الأرض الصحراوية العربية القاحلة، فقد يحدث تغيير فى المشهد بأن يحل نظام جديد محل النظام المتهالك القديم، ولكن تبقى العقلية المستبدة الشمولية هى الحاكمة فى نهاية المطاف الجميع؟!