16 سبتمبر 2025
تسجيلتبين لنا من خلال قراءة متأنية ومتابعة ميدانية بأن اقتصاد دبي في تعاف مستمر بدليل نجاح الإمارة في فرض نفسها كوجهة سياحية على مستوى العالم فضلا عن نجاح شركة النخيل العقارية في تحقيق أرباح صافية إضافة إلى تعزيز البنية التحتية عبر مشروع مترو دبي والحديث عن بدأ إنتاج حقل نفطي جديد نهاية العام الجاري. حقيقة القول، لم يكن بوسع اقتصاد دبي سوى تحمل تبعات قرار مجموعة دبي العالمية والتابعة لحكومة دبي ومن جانب واحد عن تأجيل تسديد بعض التزاماتها المالية والتي كانت سوف تحل في غضون فترة قصيرة. حدث ذلك في نهاية العام 2009 في الوقت الذي كان العالم يستعد للاحتفال بأعياد الميلاد والسنة الجديدة. ويمكن الزعم بأن الخطأ الجسيم الذي تم ارتكابه هنا ليس بالضرورة تأخير عملية إرجاع الأموال للمصارف الدائنة فهي تحدث لمختلف الشركات والحكومات والدول بل الفشل الفعلي يعود لعدم تنسيق الأمر مع المؤسسات المالية الدائنة. وربما تعلمت دبي الدرس البليغ من التجربة وتحديدا ضرورة اللعب بالقوانين العالمية عند اتخاذ قرارات لها تداعيات على الأطراف ذات العلاقة. خريطة السياحة العالميةمهما يكن من أمر، نزعم في هذا المقال: أن اقتصاد دبي يواصل استعادة عافيته، إذ توصلنا لهذا القناعة عبر عدة زيارات نفذناها للإمارة في غضون سنتين منها زيارة تفصيلة نهاية شهر سبتمبر الماضي. على سبيل المثال، تبين حديثا من تقرير لشركة ماستر كارد يراقب تطورات قطاع السياحة في العالم حلول دبي في المرتبة التاسعة على قائمة المدن الأكثر زيارة في العالم. ويتوقع التقرير بأن يقوم قرابة 8 ملايين فرد بزيارة دبي في العام 2011 أي أفضل من العاصمة كوالالمبور الماليزية. كما يتوقع التقرير بأن يصرف الزوار 7.8 مليار دولار في دبي في العام الجاري أي المرتبة رقم 19 على مستوى العالم. وليس مفاجأ حلول مدنية لندن في المقدمة حيث يتوقع أن ينفق الزوار فيها نحو 26 مليار دولار في 2011. نخيل تحقق أرباحاحديثا فقط، فاجأت شركة نخيل العقارية المراقبين بإعلانها تحقيق أرباح صافية قدرها 234 مليون دولار في العام 2010. لكن لم تنشر نخيل بيانات تفصيلية وموقعة من قبل إحدى شركات التدقيق العالمية بغية تحقيق المصداقية. وكانت الشركة نفسها قد أعلنت مؤخرا عن توصلها لاتفاق مع الجهات الدائنة لإعادة هيكلة مديونية بقيمة 16 مليار دولار والبدء بإصدار سندات إسلامية لتسديد جانب من التزاماتها المالية. بالعودة للوراء، شكل قرار تأجيل عملية سداد قدرها 3.5 مليار دولار على شركة نخيل شرارة بروز معضلة مديونية دبي حيث تطلب الأمر تدخل من جانب إمارة أبو ظبي لإنقاذ دبي من ورطتها المالية. أما البقية فهي جزء من التاريخ كما يقال في الثقافة الغربية. حقل الجليلة النفطيأما الخبر الإيجابي الآخر حول فرضية بدأ الإنتاج النفطي لحقل الجليلة في دبي قبل نهاية العام الجاري. وليس من الخطأ اعتبار الكشف عن الخبر بمثابة رسالة لمن يهمه الأمر من الأطراف الدولية بأن دبي ماضية في تعزيز اقتصادها المحلي بشتى الطرق بما في ذلك القطاع النفطي. بل تشمل الرسالة بأن دبي ربما لا تحتاج لمعونة مالية من أبو ظبي لمعالجة تحدياتها الاقتصادية. لاشك، تعتبر إمارة أبو ظبي المصدر الأول للإنتاج النفطي في الإمارات حيث تسيطر على 90 في المائة من الاحتياطي النفطي المكتشف للدولة. بيد أنه استمرار لمعضلة الإفصاح، تحاشى البيان المنسوب للمجلس الأعلى للطاقة ذكر تفاصيل بخصوص مستوى الإنتاج والاحتياطي للحقل الذي يحمل اسم إحدى كريمات حاكم ونائب ورئيس وزراء ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. البنية التحتيةإضافة إلى ذلك، بدأت السلطات في شهر سبتمبر بتشغيل الخط الأخضر ضمن مشروع مترو دبي الأمر الذي من شأنه تعزيز البنية التحتية للإمارة. يشار إلى أن دبي بدأت بتسيير محطات الخط الأحمر والتي تغطي الجزء الأكبر من مطار دبي قبل عامين أي قبل فترة وجيزة من ظهور معضلة المديونية. وكان من المفترض تشغيل المشروع بأكمله والذي ضم 47 محطة في العام 2010 لكن تأخر كل شي بعد الكشف عن أزمة المديونية. وفي كل الأحوال، يضيف تشغيل محطات الخط الأخضر والتي تضم بعض المناطق التقليدية في الإمارة مثل الخور للسمعة التجارية لدبي. وفي هذا الصدد، ذكر لي أحد الغربيين المتابعين لاقتصاد الإمارات بأن دبي ربما تكون متقدمة بنحو 10 سنوات بالنسبة لنوعية البنية التحتية عن بقية الإمارات الست. فضلا عن محطة المترو، يعد مطار دبي من بين المطارات الأكثر ازدحاما في العالم. بل تشير التقارير لاحتمال تبوأ مطار دبي وفي غضون سنوات قليلة المركز الثاني على مستوى العالم من حيث عدد المسافرين أي فقط بعد مطار هيثرو في لندن. ختاما، ليس بوسع الزائر لدبي هذه الأيام إلا أن يقدر لهذه الإمارة قدرتها على التكيف مع التحديات مثل معضلة المديونية عبر طرق تشمل الاستفادة من الظروف الدولية ومن بينها الربيع العربي. وكما يقال مصائب قوم عند قوم فوائد، يستفيد اقتصاد دبي بشكل جزئي من ظاهرة الربيع العربي عبر توفير بديل ومأمن في الوقت نفسه. على سبيل المثال، هناك حديث متواتر عن استقطاب دبي لأنشطة بعض المصارف العاملة في البحرين بسبب طول مدة الأزمة السياسية والتي اندلعت في المملكة بداية العام الجاري. فقد قام أكثر من بنك يعمل في البحرين بنقل أنشطة إدارية مثل معالجة الحسابات إلى دبي. وهذا يعني بالضرورة دخول أفراد وأموال للعديد من القطاعات الاقتصادية في دبي.