15 سبتمبر 2025

تسجيل

«هنية» طبت حياً وشهيداً في قطر الحبيبة

09 أغسطس 2024

كان خبر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ثقيلا على المسامع وأثقل على القلب ليس لأهل غزة فحسب؛ بل لفلسطين؛ بل لكل الشرفاء في العالم. المصاب كان جللا لقائد أحبه أهله فكان متواضعا مع أبناء شعبه يساعد الفقراء، ويقف بجوار الشباب في زواجهم، يحن على الفقراء، ويبتسم للأطفال، ويعطف على الكبار، شهدت مساجد غزة إمامته بصوته الندي في تلاوة القرآن، وكان في خطبه يحمل البشرى بالفتح المبين. لم نشهد عليه عالم الماركات في ملبسه إلا أنها كانت مرتبة نظيفة، منزله لم يعرف طريق الفخامة؛ بل كان في حي الشاطئ الذي يتسم أهله غالبا بأنهم فقراء. تعالت مناصبه إلى أن وصل يوما إلى منصب رئيس الوزراء للحكومة الفلسطينية، ومع ذلك لم يتغير حاله فكان بالمسكن ذاته وبالقرب ذاته من شعبه. حينما كان يكرم الجرحى يقبل أيديهم قبل السلام عليهم كان قريبا من أبناء شعبه فأحبه الكبير والصغير. وعندما نقل جثمانه إلى دولة قطر الشقيقة كان الألم يعتصر أبناء شعبه في غزة، لبعدهم عنه إلا أن ألم البعد والغربة زال حينما شهدنا أن قادتنا ومجاهدينا شيعوا جثمانه الطاهر بين أحضان أهله في قطر. شكرا قطر من القلب التي احتضنت هنية حيا وشهيدا فقد احتضنت الرجل المجاهد الذي أكد خلال مسيرة مقاومته التي امتدت لسنوات طويلة بعدم الاعتراف بـ»إسرائيل» لم يقلها مجرد كلمة؛ بل ترجمها على أرض الواقع من خلال انخراطه في المقاومة التي قدمت وما زالت تقدم الكثير. هي المقاومة ذاتها التي تقدم أرواحها في سبيل الله (عز وجل) نصرة للإسلام والمسلمين هي المقاومة ذاتها التي جاعت وكان يمضي على جندها أيام بدون طعام، إنما تكتفي أمعاؤهم الخاوية بحبات تمر قليلة وشربة ماء، لتسند أجسادهم، ورغم ذلك كانوا أشداء وأكثر ثباتا في حمل السلاح، ومواجهة الاحتلال الظالم. فهو يدرك ثقل الأمانة والمسؤولية التي لها أثمان وكان مستعدا لأن يقدم هذا الثمن وقد قدمه بالفعل- نحتسبه شهيدا ولا نزكي على الله أحدا - في سبيل الله تعالى وفي سبيل فلسطين وفي سبيل كرامة الأمة. هنية كان يعلم أن الأمر كبير والمسؤولية كبيرة خاصة حينما يتكلم عن القضية الفلسطينية فهي ليست مجرد أرض وطين؛ بل عقيدة ودين فهي أرض القداسة والبركة التي سالت وما زالت تسيل عليها دماء الشهداء والأسرى والأسيرات. وحينما يرتقي القائد فهو مثل السنبلة ستملأ الوادي سنابل فمن قبله ارتقى الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والمهندس إسماعيل أبو شنب وغيرهم الكثير (رحمهم الله تعالى). هل سقطت الراية؟ هل توقفت المقاومة؟! لا بالعكس بل زادت قوة وتخطيطا وتطورت في الأداء ويوم السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)، لدليل واضح على ذلك. فحينما يرتقي قائد يأتي من بعده أجيال كثيرة تستلم الراية من جيل إلى جيل فكل واحد منهم له مهمة يسلم بعده لمن يكمل معركة التحرير ليس لغزة فحسب؛ بل لتحرير المسجد الأقصى ولتحرير فلسطين؛ بل أكثر بكثير. ورغم مرور أكثر من (٣٠٣) أيام على الحرب الظالمة على قطاع غزة إلا أن مقاومتها ما زالت ثابته صامدة تسير على النهج ذاته؛ لتؤكد على ما كان يردده قائدها المجاهد هنية دائما «لن تسقط القلاع، ولن تخترق الحصون، ولن تسحب منا المواقف». فمن المحال أن تهزم مقاومة ترفع راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ودستورها القرآن وأسمى أمانيها الشهادة في سبيل الله (تعالى).