11 سبتمبر 2025

تسجيل

احتمالات الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله

09 يوليو 2024

اشتعلت الجبهة الجنوبية للبنان منذ عملية طوفان الأقصى المجيدة بين إسرائيل وحزب الله، لكن المواجهات بين الطرفين كانت تدار بإحكام وحذر بفضل الضغط المستمر لكل من إيران والولايات المتحدة على حليف كل منهما. لكن رغم ذلك، كانت تشير تلك المعارك إلى احتمال حرب شاملة مفتوحة ربما أفدح من حرب 2006. ومنذ مطلع يونيو الماضي، ارتفعت حدة المواجهات المسلحة بين الطرفين-بدون مقدمات وأسباب واضحة أو معلنة- حيث شنت إسرائيل هجمات صاروخية موسعة متتالية أدت إلى تدمير العشرات من البنى التحتية في الجنوب وبعض قواعد حزب الله ومقتل بعض قادة الحزب الكبار. ورد حزب الله بهجمات صاروخية الأكبر من نوعها منذ السابع من أكتوبر. وقد أسفر كل ذلك إلى نزوح ما يربو من 100 ألف مستوطن يهودي من شمال إسرائيل، وتعزيز حزب الله لتمركزه في جنوب نهر الليطاني. ومع تطور حدة المواجهات العسكرية، تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية تصريحات بعض من قادة الحكومة الإسرائيلية التي تؤكد على ضرورة الحرب مع حزب الله واستعداد إسرائيل التام لها، وكان أبرز تلك التصريحات تصريح رئيس الأركان الإسرائيلي الذى أكد على ضرورة هذه الحرب لتقويض حزب الله والقضاء على قدراته العسكرية المتطورة. ويتبدى من تدابير الدول المتخذة في هذه الأيام والتي من أهمها منع رحلات الطيران إلى لبنان، وتحذير بعض السفارات مواطنيها من السفر إلى لبنان أو مغادرة لبنان. وتصريحات أمريكية غير مباشرة بالاستعداد لمساندة إسرائيل في الحرب. يتبدى أن استخبارات الدول قد أهدت إلى تقارير تفيد بالاقتراب الوشيك لهذه الحرب. لماذا تصر إسرائيل على الحرب، على الرغم من صعوبتها وكارثيتها الشديدة، وتعثرها المخيب في غزة، والإنهاك الشامل لها جراء حرب غزة؟ هناك بالطبع العديد من الاعتبارات الدافعة لإسرائيل لخوض هذه الحرب، والتي قد تكون غير منطقية أو مبرره. يمكن القول إن الاعتبار الأول والرئيسي ليس بمعزل عن طوفان الأقصى. إذ يجب الوضع في الاعتبار أن الجرح العميق الذى أحدثه طوفان الأقصى لكرامة إسرائيل، وتنامي إحساس التهديد الوجودي؛ يمثل دافعا رئيسيا لإسرائيل لخوض حروب استباقية غير نهائية ضد جميع الخصوم، لاسترجاع زعم الكرامة المفقودة، والإحساس بالتفوق الوجودي. وحزب الله وفقا لجميع الاعتبارات يشكل التهديد الأقوى والأخطر لإسرائيل، حيث إن قوته التسليحية التي تطورت بصورة كبيرة وفقا لتصريحات حسن نصرالله، وخبرته القتالية، وعدد قواته لا يقارن بأي جماعة مقاومة أخرى. ومن ثم، فالقضاء على حزب الله قد اصبح مطلبا استراتيجيا لإسرائيل لا تنازل عنه. وقد يدعم هذا التوجه حكومة نتنياهو التي تعانى من فشل في غزة باعتراف عدد من العسكريين والسياسيين الإسرائيليين الكبار، كما تعانى من هاجس المحاكمة جراء هزيمة طوفان الأقصى. وبالتالي، تبحث حكومة نتنياهو عن ذرائع لبقائها في السلطة وتحقيق أي انتصار، وليس أفضل من حرب طويلة مع حزب الله التي من المرجح بشدة أن تتورط فيها الولايات المتحدة. ومن الاعتبارات الأخرى التي تدور في ذهن إسرائيل، هي استخدام الحرب مع الحزب كذريعة لشن حرب شاملة مع إيران. في حسبان إسرائيل أن حربا شاملة مفتوحة مع حزب الله ستؤدى إلى توريط الولايات المتحدة وإيران في هذه الحرب. ومن ثم، قد يؤدى ذلك إلى تحقيق حلم إسرائيل الذى تتمناه من عقود وتتفادها واشنطن بكافة السبل وهو حرب كاسحة أمريكية على إيران، لإسقاط النظام القائم، وتدمير القدرات النووية لإيران. وثمة بعض الاعتبارات الأخرى في الحسبان، ومن أهمها الإحراج الشديد الذى تواجهه الحكومة الإسرائيلية نتيجة لنزوح الكثير من مستوطني الشمال بسبب المعارك في الجنوب. ولا يمكن عودة هؤلاء المستوطنين أو إقناعهم بالعودة إلا إذا تم تقويض قدرات حزب الله تماما. ومن ضمن الاعتبارات أيضا، مخاوف إسرائيل من ترامب الذى أصبح على مقربة شديدة من البيت الأبيض لاسيما بعد المناظرة الأخيرة مع بايدن التي أضعف موقفه بصورة كبيرة. ومشكلة ترامب بالنسبة لإسرائيل هو عدم الوثوق الكامل في دعم جنوحها في المنطقة. أو بعبارة أخرى، صعوبة السيطرة عليه حتى من قبل الدوائر الصهيونية النافذة في الولايات المتحدة. خلاصة القول، ثمة العديد والعديد من الحسابات والدوافع لحرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل. ففي المجمل، أصبح حزب الله بفضل التطور المطرد لقدراته العسكرية خاصة الصاروخية تهديد وجود خطير لإسرائيل. وهذا في حد ذاته كفيل بحتمية اندلاع المواجهة عاجلا أم أجلاً.