13 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة المقاومة.. هل يبدأ طريق الحرية من جنين ؟

09 يوليو 2023

في جنين استخدمت إسرائيل قوتها الغاشمة؛ فارتكبت مذبحة تشكل جريمة ضد الإنسانية، حيث قتلت 12 شهيدا، منهم خمسة أطفال، وأصابت أكثر من 140 فلسطينيا.. لكن ماذا حقق جيش الاحتلال؟. كانت أهم نتائج قراءة الصحافة الإسرائيلية أن هناك حالة من الخوف تملأ نفوس الإسرائيليين؛ فالعملية التي استخدم فيها جيش الاحتلال أحدث أسلحته مثل المسيرات الانتحارية، وقام فيها بتدمير المنازل لم تحقق للشعب الإسرائيلي الأمان الذي كان يريده، لذلك تنتشر حالة التشاؤم، وتوقع المزيد من الهجمات على الإسرائيليين خاصة في المستوطنات، بعد أن أشعل الهجوم على جنين غضب الشباب الفلسطيني. قراءة جديدة للواقع لو نحينا ما تقوله الصحافة الإسرائيلية جانبا، وحاولنا أن نبحث عن أسباب حالة الخوف التي تسيطر على الإسرائيليين، سنكتشف أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهم أهدافها منذ عام 1948 حتى الآن، وهو أن يتعود الفلسطينيون على الحياة تحت السيطرة الإسرائيلية، وأن ينسوا مع الزمن فكرة تحرير الأرض، واستعادة الحقوق، وأهمها حق العودة، وأن يملأ الخوف نفوسهم من قوة إسرائيل الغاشمة التي تستخدمها بشكل مستمر في قتلهم وتدمير بيوتهم. رهان إسرائيل على الزمن والخوف والإحباط واقتناع الفلسطينيين بعدم جدوى المقاومة فشل، وقادة إسرائيل وكتابها أصبحوا يدركون هذه الحقيقة، فجنين تقدم نموذجا للمقاومة والصمود وتغيير الواقع والإصرار على تحرير الأرض، وهي تودع شهداءها وتستعد لمرحلة جديدة، والشباب في فلسطين أهلوا أنفسهم لصراع طويل تتغير فيه مع الزمن عناصر القوة، وأساليب استخدامها. الأمل يملأ قلوبهم ويعملون لتحقيقه يفسر الكتاب الإسرائيليون المقاومة الفلسطينية بأنها نتيجة ليأس الفلسطينيين الذين لم يعد لديهم أمل في تحسين أحوالهم.. لكن ما مدى صحة ذلك التفسير؟ إن القراءة المتعمقة للأحداث توضح أن أهم إنجازات المقاومة منذ الانتفاضة الأولى التي بدأت عام 1987، أنها شكلت ثقافة جديدة تقوم على عدم الخضوع للواقع، والحسابات المادية، وقهر الخوف، والإبداع في بناء قوة جديدة، وتحقيق الأهداف عبر مدى زمني طويل. وثقافة المقاومة ملأت نفوس الشباب أملا في تحرير فلسطين، وإصرارا على تحقيقه، وارتبط ذلك بالإبداع في البحث عن مصادر القوة، وهم يدركون أنهم لا يمتلكون القوة الصلبة، لكنهم يمتلكون قوة الإيمان والحق والقدرة على التضحية والرغبة في الشهادة، وتقديم نموذج جديد للشعوب يوضح أنها تستطيع أن تحقق أهدافها وتنتزع حريتها، مهما بلغت قوة العدو. هؤلاء الشباب يمتلكون أملا وحلما، ويصرون على تحقيق النصر، ويدركون أن الإنسان إذا لم يشهد النصر في حياته فيكفيه شرفا وعزا ومجدا أنه شارك في تحقيقه، وأن أبناءه سيعيشون أحرارا على أرض فلسطين الحرة. ثقافة المقاومة وثورة العقول من أهم نتائج ثقافة المقاومة أن شباب فلسطين شحذوا همتهم، وأطلقوا العنان لخيالهم، وتمكنوا من إدارة صراع عقول طويل المدى مع إسرائيل، وكل إنسان يستخدم عقله يمكن أن ينتج فكرة واحدة تؤدي إلى تغيير الواقع. لذلك لم يعد قادة إسرائيل يتوقعون ماذا يمكن أن يحدث غدا، فهم يواجهون ثورة عقول فلسطينية غذتها ثقافة المقاومة باليقين في النصر، والإيمان بالله. وإسرائيل تواجه هذه الظاهرة الجديدة بأفكار تقليدية توضح أنها لم تعد تمتلك خيالا سياسيا وثقافيا مثل بناء سور عازل، واستخدام القوة الغاشمة التي استخدمتها بشكل مكثف فلم تستطع بها أن تكسر إرادة شعب يصر على تحرير أرضه. والأخطر من ذلك أن ثورة العقول وثقافة المقاومة يمكن أن تنتشر من فلسطين، وتضيء للكثير من الشعوب طريق الحرية والتحرير.. والواقع يتغير بأسرع مما يتوقع الخائفون من القوة الغاشمة. فهل يبدأ طريق الحرية من جنين ؟ الإجابة تحتاج إلى نشر ثقافة المقاومة، وثورة العقول.