13 سبتمبر 2025
تسجيلالإِنابَةُ هي الرجوع في اللغة، وهي: الرُّجوعُ إلى الحَقِّ بَعْدَ التَّوْبَةِ. فالتوبة منزلة عظيمة تتأكد رسوخا في القلب إذا حصلت الإنابة خالصة لله عز وجل، وقد أمر الله تعالى بها في كتابه، وأثنى على خليله بها، فقال {وأنيبوا إلى ربكم} وقال {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} وأخبر أن آياته إنما يتبصر بها ويتذكر أهل الإنابة، فقال {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها} حتى قال جل شأنه {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} [ق: 8] وقال جل شأنه {هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب} [غافر: 13] وقال أيضا {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة} [الروم: 31] وقال صلى الله عليه وسلم «ما من مولود إلا يولد على الفطرة وفي رواية: على الملة حتى يعرب عنه لسانه» وقال عن نبيه داود {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} [ص: 24] وأخبر أن ثوابه وجنته لأهل الخشية والإنابة، فقال {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام} [ق: 31] وأخبر سبحانه أن البشرى منه إنما هي لأهل الإنابة، فقال {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى} [الزمر: 17].يقول ابن القيم رحمه الله: والإنابة إنابتان: إنابة لربوبيته، وهي إنابة المخلوقات كلها، يشترك فيها المؤمن والكافر، والبر والفاجر، قال الله تعالى {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه} [الروم: 33] فهذا عامٌّ في حق كل داع أصابه ضر، كما هو الواقع، وهذه الإنابة لا تستلزم الإسلام، بل تجامع الشرك والكفر، كما قال تعالى في حق هؤلاء {ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم} [الروم: 33] فهذا حالهم بعد إنابتهم.والإنابة الثانية إنابة أوليائه، وهي إنابة لإلوهيته، إنابة عبودية ومحبة.وهي تتضمن أربعة أمور: محبته، والخضوع له، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، فلا يستحق اسم المنيب إلا من اجتمعت فيه هذه الأربع، وتفسير السلف لهذه اللفظة يدور على ذلك.